مستند إلى تقوى الله وحمل آيات القرآن على أفضل الوجوه. أما التفسير وفق الهوى والرأي غير المستند إلى الأسس السالفة إثبات أمر منكر أو محرم أو التحلل من أمر صريح أو نهي منصوص عليه أو لغرض أن تعرف مكانة المفسر بين العلماء ابتغاء الشهرة والجاه والسمعة فهذا ما يحذر الحديث الشريف منه... فليبحث صاحبه عن مقعده في نار جهنم.
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في القرآن برأيي. وقال أبو الدرداء (١) رضي الله عنه : لايفقه الرجل حتى يجعل للقرآن وجوها، أي يرى أن هناك علماء أكثر من تفسير واحد لآيات القرآن الكريم. وهذا ما دفع بعض العلماء أن يؤلفوا كتبا تحوي تأملات وجوانب من تفسير القرآن الكريم مثل تفسير التستري وفي ظلال القرآن. أما التفاسير المعتمدة الأخرى فكثيرة أقدمها تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لكن لم يصلنا كاملا وبعضه غير موثق وأشمل التفاسير القديمة هو تفسير الطبري الذي أخذ عنه معظم من جاء بعده من المفسرين.
ومن أفضل التفاسير تفسيرا القرطبي وابن كثير. ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى تفاسير الآلوسي والقاسمي والبغوي والخازن والمنار. ومن أراد الاختصار فليرجع إلى تفسير الجلالين والبيضاوي والنسفي والتسهيل.
١٦- عن جندب بن عبد الله (٢) رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :
" اقرأوا القرآن ما أتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فقوموا عنه ".
رواه الشيخان (٣)
المقصود باقرأوا - والله أعلم - تدارسوا. والاختلاف المشار إليه في الحديث هو أي اختلاف، سواء كان حول التفسير والمعاني أو كان حول أصول التجويد وعلم القراءات أو كان حول الاستنباط وكيفية تطبيق الأحكام.
ويتبين من الحديث أن الاختلاف الذي هو مدعاة للضعف والتفرق يجب اجتنابه بل وحتى التوقف عن تلاوة القرآن أو تدارسه وتعلمه عند ظهور بوادر الاختلاف لأن بركة التلاوة والتعلم تمحق

(١) هو عويمر وقيل عامر الأنصاري الخزرجي. أسلم يوم بدر وشهد أحدا وأبلى فيها بلاءا حسنا. قال عنه رسول الله ﷺ يوم أحد نعم الفارس عويمر. تولى قضاء دمشق في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتوفي في خلافة عثمان رضي الله عنه.
(٢) جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي ثم العلقي مات بعد سنة ٦٠ هـ.
(٣) أي البخاري ومسلم.


الصفحة التالية
Icon