متفق عليه
الحسد الممقوت هو تمني زوال نعمة الغير والحسد الممدوح هنا هو تمني الحصول على مماثلة المحسود في العلم أو في المال.
القيام بالقرآن آناء الليل بتلاوته وتعلمه والتجهد به ويشبه أن يكون ذلك سرا لخفاء ذلك عن الناس. أما آناء انهار فهو العمل به علنا أمام الناس لأمر الله تعالى بالعمل ولكي يكون قدرة لغيره فيصيبه ثواب من اقتدى به.
تسلسل الحديث يبتدئ بإيضاح فضل من يؤتى القرآن ويعمل به ثم فضل من يؤتى المال ويشير ذلك إلى فضل العلم على الصدقة. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكميل (١) : يا كميل : العلم خير من المال. العلم يحرسك وأنت تحرس المال. العلم حاكم والمال محكوم عليه. والمال تنقصه الصدقة والعلم يزكو بالإنفاق ( الإشارة إلى نقصان المال بالصدقة هو النقصان الظاهري الذي يشهده الناس. أما عند الله فهو يربو ويزداد ).
وقد فسر رسول الله ﷺ هذا الحديث يحديث يرويه أبي كبشة الأنماري (٢) رضي الله عنه حيث يقول : مثل هذه الأمة مثل أربعة :
رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يعمل بعلمه في ماله، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا فيقول رب لو أن لي مالا مثل مال فلان لكنت أعمل فيه بمثله فهما في الأجر سواء ( وهذا منه حب لأن يكون له مثل ما له فيعمل ما يعمل من غير حب زوال النعمة عنه )، ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو ينفقه في معاصي الله عز وجل، ورجل لم يؤته علما ولم يؤته مالا فيقول لو أن لي مثل مال فلان لكنت أنفقته مثل ما أنفقه فيه من المعاصي فهما في الوزر سواء (٣). وهكذا ذمه رسول الله ﷺ من جهة تمنيه للمعصية لا من جهة أن يتمنى أن يكون له من النعمة مثل ما له. فإذن لا حرج على من يغبط غيره في نعمة ويشتهي لنفسه مثلها طالما لم يحب زوالها عنه ولم يكره دوامها له. نعم إن كانت تلك النعمة دينية واجبة كالإيمان والصلاة والزكاة فهذه المنافسة واجبة وهو أن يحب أن يكون مثله لأنه إذا لم يكن يحب ذلك فيكون راضيا بالمعصية وذلك حرام. وإذا كانت النعمة من الفضائل كإنفاق
(٢) قال ابن حبان أبو كبشة هو سعيد بن عمرو وقيل عمرو بن سعيد الأنماري المذحجي.
(٣) رواه ابن ماجة والترمذي وقال حسن صحيح.