قال معاذ بن جبل (١) رضي الله عنه : إن ورائكم فتنا يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق والرجل والمرأة والصغير والكبير والحر والعبد فيوشك قائل أن يقول ما للناس لا يتبعونني وقد قرأت القرآن ! ما هم بمتبعيَّ حتى أبتدع لهم غيره ! فإياكم وما يبتدع فإن من ابتدع ضلالة واحذركم زيغة الحكيم فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم وقد يقول المنافق كلمة الحق. فقيل له ما يدريني رحمك الله أن الحكيم يقول كلمة الضلالة وأن المنافق يقول كلمة الحق قال بلى. اجتنب من كلام الحكيم المستهترات التي يقال ما هذه ؟ ولا يثنينك ذلك عنه وإنه لعله برجع ويتبع الحق إذا سمعه فإن على الحق نورا.
٣٨- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله ﷺ :
" أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها ".
رواه أحمد والبيهقي وابن عدي والطبراني
قال الله تعالى :﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ﴾ (٢).
النفاق هو إخفاء الكفر والجحود وإظهار الإيمان. وقد ظهر النفاق في المدينة زمن الرسول ﷺ فأنزل الله تعالى الآيات البينات تبيانا لصفاتهم وشدد رسول الله ﷺ في وعيدهم مظهرا خصالهم. قال تعالى :﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ (٣) فهم يظهرون حسن الكلام ﴿ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ﴾ (٤) ويبطنون ممالأة الكفار ﴿ وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ ﴾ (٥) وصفتهم في الحديث الشريف :" آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان " (٦). فالمنافقون ليسوا جهلة أميين بل هم متعلمون لكن لا إيمان لهم. فأكثر المنافقون في هذه الأمة هم ممن يقرأ القرآن ويستهزئ بأحكامه لفظا أو فعلا.
(٢) سورة النساء الآية ١٤٥.
(٣) سورة النساء الآية ١٤٢.
(٤) سورة المنافقون الآية ٤.
(٥) سورة البقرة الآية ١٤.
(٦) رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أنس بن مالك.