ورفع الإمام الأوزاعي (١) رضي الله عنه حديثا عن رسول الله ﷺ :" إن العبد إذا قرأ فَحَرَّفَ أو أخطأ كتبه المَلَكُ كما نَزَلَ".
وهنا معنى حَرَّفَ أي نسي فحرف بعض التلاوة ودليل ذلك قوله تعالى :﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ (٢). أما إذا كان مقصرا في عدم تكرار التلاوة دون عذر فليس ممن يقرأ القرآن وهو يشتد عليه ولا يشمل بهذا الحديث بل بالأحاديث السالفة ( ٢٢ و ٢٣ و٢٤).
وهنا التفاتة ينبغي الوقوف عندها وهي أن عدل الله اقتضى المساواة بين الناس من عرب وغير عرب. وحيث أن القرآن نزل بلسان العرب فإن تلاوة العرب للقرآن أيسر وفهمهم للقرآن أقرب والاستفادة منه أسهل لذلك فإن عدالة الله اقتضت أن يعطى غير العربي امتيازا بأن خطأه في اللفظ مغفور وتكبده مشاق التلاوة والتعلم والحفظ الاضافية، كل ذلك مجازى عليه بأجر إضافي ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ (٣).
ومن جهة أخرى فإن من سهلت عليه التلاوة قتلك نعمة أنعمها الله تعالى عليه ينبغي عليه شكرها ومن كان فهم القرآن عليه سهلا ميسورا ترتبت على ذلك نعمة يجب عليه شكرها أيضا وليس أبلغ من شكر هذه النعمة من العمل بما فهَّمه الله تعالى وازدياد خشية الله تعالى :﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاؤُا﴾ (٤).
٤٩- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال، رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إقرأ علي " قلت أقرأ عليك وعليك نزل ؟ قال :" إني أشتهي أن أسمعه من غيري".
قال فقرأت النساء حتى إذا بلغت ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا ْْْْ ﴾ (٥) قال لي " كف " أو " أمسك " فإذا عيناه تذرفان.

(١) عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي يكنى بأبي عمرو فقيه جليل من أتباع التابعين مات سنة ١٥٧ هـ وقبره معروف في بيروت.
(٢) سورة البقرة الآية ٢٨٦
(٣) سورة الزلزلة الآيتان ٧ و٨.
(٤) سورة فاطر الآية ٢٨.
(٥) سورة النساء الآية ٤١.


الصفحة التالية
Icon