فهم معناها. وهي في الوقت نفسه تثير بالنفوس معاني وإشارات لا حصر لها فكيف بغيرها من آيات الله البينات.
قال سهل بن عبد الله التستري (١) رضي الله عنه : لو أعطي العبد لكل حرف من القرآن ألف فهم لما بلغ نهاية ما جعل الله تعالى في آية من كتاب الله تعالى من الفهم لأنه كلا الله تعالى وصفته وكما أنه ليس لله نهاية فكذلك لا نهاية لفهم كلامه وإنما يفهمون على مقدار ما يفتح الله تعالى على قلوب أوليائه من فهم كلامه.
ولقد استنبط سلف الأمة الصالح من كتاب الله تعالى علوما جمة أولاها علوم القرآن بما فيها من أسباب النزول وعلوم القراءات والتجويد والمناسخ والمنسوخ وغريب القرآن وخطوط القرآن وإعراب القرآن وترتيب النزول وقصص القرآن وأمثال القرآن وإعجاز القرآن وأحكام القرآن وإحصاء سوره وآياته وحروفه.
كل هذا إضافة إلى علوم التفسير وكل العلوم الشرعية الأخرى فكلها أساسها القرآن. وإن في القرآن إشارات إلى كل العلوم حتى المادية والطبيعية كالفلك والرياضيات والإحصاء والطب والهندسة وعلوم النفس والاجتماع والتأريخ، إلا أن الكتاب الكريم ليس كتابا متخصصا في أي منها فهو كتاب لهداية البشر إلى الصراط المستقيم كما قال الله تعالى ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ (٢). وهو ليس لتعليمهم علما خاصا من هذه العلوم رغم عدم تفريطه في شيء كما قال تعالى :﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ﴾ (٣) وقوله تعالى :﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ (٤).
(٢) سورة البقرة الآية ١٨٥.
(٣) سورة الأنعام الآية ٣٨.
(٤) سورة النحل الآية ٨٩.