قال بعض العلماء (١) : إن تحت كل حرف من كتاب الله كثيرا من الفهم مذخورا لأهله على مقدار ما قسم لهم من ذلك واستدلوا على ذلك بآيات من القرآن مثل قوله عز وجل :﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ﴾ وقوله :﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ ﴾ (٢) وقوله :﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴾ (٣). وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : من أراد علم الأولين والآخرين فليتدبر القرآن.
٣- عن أبي أمامة (٤) رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما أذِنَ الله لعبد من شيء أفضل من ركعتين يصليهما وإن البر لَيُذَرُّ على رأس العبد ما دام في صلاته وما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه " ( يعني القرآن).
رواه الترمذي
حُكي عن الإمام أحمد رضي الله عنه (٥) أنه رأى ربه في المنام عدة مرات فقال والله إن رأيته مرة أخرى لأسألنه أي شيء يقرب العبد إلى ربه فرأى ربه جل شأنه فقال : يا رب بأي شيء يتقرب العبد إليك ؟ فقال : بتلاوة كلامي يا أحمد. قال فهم المعنى أو لم يفهم يا رب ؟ قال فهم المعنى أو لم يفهم.
إن إشارة الحديث إلى القرآن الكريم بأنه خرج من الله تعالى توحي بأن على قارئ القرآن أن يستشعر عظمة كلام الله تعالى وكأنه يسمعه منه عز وجل معترفا بعلوه وعظمته وفضله على خلقه.
وقال بعض العلماء : هذا القرآن رسائل أتتنا من قبل ربنا عز وجل بعهوده نتدبرها في الصلوات ونقف عليها في الخلوات وننفذها في الطاعات والسنن المتبعات. هذه الآيات هي نور منزل من
(٢) سورة يس الآية ١٢.
(٣) سورة الحجر الآية ٢١.
(٤) هو أبو أمامة الباهلي الصدي بن عجلان بن عمرو بن وهب.
(٥) رابع الأئمة الأربعة المجتهدين أحمد بن حنبل المكنَّى بالصديق الثاني كان لا يدع قيام الليل وله في كل يوم وليلة ختمة. أبتلي بفتنة خلق القرآن في زمن المأمون فصبر. توفي رحمه الله عام ٢٤١ هـ.