" قول أبي عبيد:
... قال ابن الجوزي - رحمه الله -:
... والخوف في الآية بمعنى العلم، قال أبو عُبيد: معنى قوله: ﴿ إِلَّا أَنْ يَخَافَا ﴾ : يوقنا(١).
" مجمل الأقوال الواردة في المسألة:
١ - أن معنى ﴿ يَخَافَا ﴾ أي: يعلما ويوقنا.
٢ - أن معنى ﴿ يَخَافَا ﴾ أي: يظنَّا.
" الدراسة:
... ذهب أبو عُبيد القاسم بن سلاَّم إلى أن المراد بالخوف في قوله تعالى: ﴿ إِلَّا أَنْ يَخَافَا ﴾ العلم واليقين، والمعنى أن المرأة إذا علمت وتيقنت أنها تعصي الله في أمر زوجها لبغضها إياه، وتيقن الزوج أن هذا سيفضي إلى اعتداء عليها لامتناعها عن طاعته؛ جاز له أن يأخذ منها الفدية إذا طلبت ذلك.
وإلى هذا المعنى ذهب أبو عُبيدة مَعْمَر بن المثنَّى(٢).
... وذهب الفرَّاء - وهو من علماء التفسير واللغة - إلى أن معنى الخوف يقرب من معنى الظن، فقال: (والخوف والظن متقاربان في لغة العرب) (٣).
... ووافقه الطبري في ذلك بقوله: (والعرب قد تضع (الظن) موضع (الخوف)، و(الخوف) موضع (الظن) في كلامها، لتقارب معنييهما) (٤).
... يقول القرطبي: (والمعنى أن يظن كل واحد منهما بنفسه ألا يقيم حق النكاح لصاحبه حسب ما يجب عليه فيه لكراهة يعتقدها؛ فلا حرج على المرأة أن تفتدي، ولا حرج على الزوج أن يأخذ) (٥).
النتيجة:
... الذي يظهر - والله أعلم - رجحان القول الثاني؛ القائل بأن المراد بالخوف في قوله تعالى: ﴿ إِلَّا أَنْ يَخَافَا ﴾ الظن.
ويشهد لهذا ما يلي:
- أن هذا القول تؤيده قراءة أبيّ بن كعب رضي الله عنه، فقد جاء في قراءته: (إلا أن يظنا ألا يقيما حدود الله) (٦).
(٢) انظر: مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/٧٤.
(٣) معاني القرآن للفراء: ١/١٤٦.
(٤) جامع البيان للطبري: ٢/٤٧٤.
(٥) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٣/١٣١.
(٦) انظر: جامع البيان للطبري: ٢/٤٧٤. ومعجم القراءات، د. عبداللطيف الخطيب: ١/٣١٥.