... فقد روى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة: أن معنى ذلك: لا تأخذوا ميثاقهن وعهودهن في عددهن أن لا ينكحن غيركم(١).
... وروي عن ابن زيد أن المراد: لا تنكحوهن في عدتهن سراً(٢).
وبهذا القول قال أبو عُبيدة مَعْمَر بن المثنَّى(٣).
... يقول الراغب الأصفهاني(٤): (وكُني عن النكاح بالسر من حيث إنه يُخفى) (٥).
... أما القول الثاني في معنى الآية وهو أن المراد بالسّر: الزنا، فهو مروي عن جابر بن زيد(٦)، والحسن البصري، والضحاك، وإبراهيم النخعي(٧) (٨).
ورجّح هذا القول الطبري واحتج له(٩).
... إلا أن أبا حيان استبعده بقوله: (وأما تفسير السّر هنا بالزنا فبعيد؛ لأنه حرام على المسلم مع معتدة وغيرها) (١٠).
النتيجة:
... الذي يظهر - والله أعلم - عموم الآية، واحتمال دخول جميع الأقوال في بيان معناها.

(١) انظر: جامع البيان للطبري: ٢/٥٣٦.
(٢) انظر: المرجع السابق: ٢/٥٣٧.
(٣) انظر: مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/٧٥.
(٤) هو: الحسين بن محمد المفضل، الملقب بالراغب الأصفهاني، صاحب التصانيف، كان من أذكياء المتكلمين، توفي سنة (٥٠٣هـ).
... انظر ترجمته: السير للذهبي: ١٨/١٢٠. والبلغة للفيروزآبادي: ص ٩١.
(٥) معجم مفردات ألفاظ القرآن الكريم للراغب الأصفهاني: ص ٢٣٤، مادة (سَرَّ).
(٦) هو: جابر بن زيد الأزدي اليحمدي، أبو الشعثاء، من التابعين الفقهاء، كان من أعلم الناس بكتاب الله، توفي سنة (٩٣) وقيل: (١٠٣هـ).
... انظر ترجمته: السير للذهبي: ٤/٤٨١. وتهذيب التهذيب لابن حجر: ٢/٣٤.
(٧) هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، الفقيه، مفتي أهل الكوفة، كان رجلاً صالحاً قليل التكلّف، توفي سنة (٩٦هـ).
... انظر ترجمته: السير للذهبي: ٤/٥٢٠. ووفيات الأعيان لابن خلّكان: ١/٢٥.
(٨) انظر: جامع البيان للطبري: ٢/٥٣٦ - ٥٣٧.
(٩) انظر: المرجع السابق: ٢/٥٣٩.
(١٠) البحر المحيط لأبي حيان: ٢/٢٣٧.


الصفحة التالية
Icon