... وذهب كثير من المفسرين إلى أن الآية منسوخة(١)، والناسخ لها قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴾ [التوبة: ٧٣، والتحريم: ٩]، وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: ١٢٣]، وقوله تعالى: ﴿ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيد تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ﴾ [الفتح: ١٦] (٢).
وهذا القول مروي عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم(٣).
النتيجة:
... الراجح - والله أعلم - أن الآية محكمة غير منسوخة، وأنها نزلت في أناس مخصوصين.
... قال الطبري: (وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: نزلت هذه في خاصّ من الناس، وقال: عنى بقوله تعالى ذكره: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ أهل الكتابين والمجوس وكلَّ من جاء إقراره على دينه المخالف دين الحق وأخذ الجزية منه، وأنكروا أن يكون شيء منها منسوخاً) (٤).
... وقال الشوكاني: (والذي ينبغي اعتماده ويتعين الوقوف عنده: أنها في السبب الذي نزلت لأجله محكمة غير منسوخة) (٥).
... والمتقرر لدى العلماء: أنه إذا وقع التعارض بين احتمال النسخ واحتمال التخصيص فالتخصيص أولى(٦).
(٢) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس: ١/٢٥٩، والناسخ والمنسوخ للمقري: ١/٥٦، والناسخ والمنسوخ لابن حزم: ١/٣٠، ونواسخ القرآن لابن الجوزي: ١/٩٢، والمصفى من علم الناسخ والمنسوخ لابن الجوزي: ١/٢١، وناسخ القرآن ومنسوخه لابن البازري: ١/٢٣، والناسخ والمنسوخ للكرمي: ١/٧٥.
(٣) انظر: جامع البيان للطبري: ٣/١٧.
(٤) جامع البيان للطبري: ٣/١٨.
(٥) فتح القدير للشوكاني: ١/٤٧٠.
(٦) انظر: البحر المحيط للزركشي: ٢/٢٤٦. وقواعد الترجيح لحسين الحربي: ١/٨٥.