... فسَّر أبو عُبيد القاسم بن سلاَّم الضلال في الآية بالنسيان.
وهذا القول مروي عن سعيد بن جبير، والضحاك، والربيع بن أنس، والسدي(١). وبه قال: البغوي، وابن كثير، وابن عاشور(٢).
... وذكر الماوردي قولاً آخر في المراد بالضلال وهو الخطأ؛ فقال: ﴿ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا ﴾ أي تخطئ، ولم ينسب هذا القول إلى قائله(٣).
النتيجة:
... الذي يظهر - والله أعلم - رجحان القول الذي ذهب إليه أبو عُبيد القاسم بن سلاَّم وهو أن المراد بالضلال في الآية النسيان، ويشهد لهذا وجود قرينة في السياق تؤيد هذا المعنى وهي قوله تعالى: ﴿ فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ﴾ فإن الذكر ضده النسيان، والقول الذي تؤيده قرينة في السياق مقدم على غيره(٤)، كما أن النسيان من المعاني المعروفة للضلال في اللغة(٥).
... أما القول الآخر القائل بأن المراد بالضلال: الخطأ فلم يشتهر ولم يقل به كبار المفسرين - فيما أعلم - وإنما ذكره الماوردي دون نسبة عند إيراده للأقوال الواردة في معنى الآية، وإن كان الخطأ من آثار النسيان إلا أن تفسير الضلال بالنسيان أقوى وأشهر.
*... *... *
(٢) انظر: معالم التنزيل للبغوي: ١/٣٥١، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير: ١/٧٢٤، والتحرير والتنوير لابن عاشور ٣/١٠٩.
(٣) انظر: النكت والعيون للماوردي: ١/٣٥٦، ولم أجد هذا القول عند غيره.
(٤) انظر: قواعد الترجيح لحسين الحربي: ١/٢٩٩.
(٥) انظر: القاموس المحيط للفيروزآبادي: ص ١٣٢٤، مادة (ضَلَّ)، ومعجم مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني: ص ٣٠٦، مادة (ضَلَّ).