١ - أن الراسخين في العلم لا يعلمون التأويل، فهم مستأنفون في الآية.
٢ - أنهم يعلمونه، فهم داخلون في الاستثناء.
" الدراسة:
... بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية أن للتأويل ثلاثة معان؛ فقال: (فإن لفظ التأويل يراد به ثلاثة معان:
... فالتأويل في اصطلاح كثير من المتأخرين هو: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن بذلك.
... والمعنى الثاني: أن التأويل هو: تفسير الكلام - سواء وافق ظاهره أو لم يوافقه - وهذا هو التأويل في اصطلاح جمهور المفسرين.
... والمعنى الثالث: أن التأويل هو الحقيقة التي يؤول الكلام إليها - وإن وافقت ظاهره -)(١).
... وقد بين شيخ الإسلام أن لفظ التأويل في الآية إنما أريد به المعنى الأخير(٢)، فكون الراسخون في العلم يعلمون التأويل أم لا إنما هو مبني على هذا المعنى وهو أن التأويل هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام.
... وبناء على هذا فقد ذهب أكثر المفسرين إلى أن الراسخين في العلم لا يعلمون التأويل(٣).
... وهذا القول هو الذي ذهب إليه أبو عُبيد القاسم بن سلاَّم موافقاً في قوله لجمهور الصحابة، فقد نُسب القول بالوقف على لفظ الجلالة إلى ابن عباس، وعائشة، وأبيّ بن كعب رضي الله عنهم، وإلى أكثر التابعين كعروة بن الزبير، وعمر بن عبدالعزيز(٤).
... وبه قال الطبري، والسمعاني، والبغوي، والقرطبي، وابن تيمية(٥).
(٢) الفتاوى لابن تيمية: ١٧/٣٦٤.
(٣) نسبه لأكثر المفسرين: البغوي في معالم التنزيل: ٢/١٠، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ٤/١٩، ونسبه للجمهور ابن الجوزي في زاد المسير: ص ١٧٩.
(٤) انظر: جامع البيان للطبري: ٣/١٨٣ - ١٨٤. ونسبه إلى الصحابة وجمهور التابعين وجماهير الأمة ابن تيمية في الفتاوى: ١٣/٢٧٥.
(٥) انظر: جامع البيان للطبري: ٣/١٨٤، ومعالم التنزيل للبغوي: ٢/١٠، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٤/١٩، والفتاوى لابن تيمية: ٥/٣٥ - ٣٦.