... فسَّر أبو عُبيد القاسم بن سلاَّم الابتهال في قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ نَبْتَهِلْ ﴾ بالدعاء باللعن.
... وهذا القول مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقتادة، والشعبي(١).
... وبه قال كثير من المفسرين منهم: أبو عُبيدة مَعْمَر بن المثنَّى، والطبري، والزجاج، والزمخشري، وابن كثير، وابن عاشور(٢).
... يقول الطبري: (يقال في الكلام: ما له؟ بهله الله، أي لعنه الله) (٣).
... ويقول ابن عاشور: (والابتهال مشتق من البهل؛ وهو الدعاء باللعن) (٤).
... وذكر الماوردي قولاً آخر في المراد بالابتهال وهو: الدعاء بهلاك الكاذب(٥).
النتيجة:
... الذي يظهر - والله أعلم - رجحان القول الأول وهو: أن المراد بالابتهال: الدعاء باللعن.
ويشهد لهذا القول ما يلي:
- أن هذا القول هو المأثور عن السلف، فبه قال ابن عباس - رضي الله عنهما - ومقاتل، والشعبي.
- أن هذا القول هو المعروف في اللغة لمعنى الابتهال، يقول ابن منظور(٦) في لسان العرب: (وفي التنزيل: ﴿ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾ أي يخلص ويجتهد كل منا في الدعاء واللعن على الكاذب منا) (٧).
(٢) انظر: مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/٩٦، وجامع البيان للطبري: ٣/٢٩٦، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج: ١/٤٢٣، والكشاف للزمخشري: ١/٥٦٤، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير: ٢/٤٩، والتحرير والتنوير لابن عاشور: ٣/٢٦٥.
(٣) جامع البيان للطبري: ٣/٢٩٦.
(٤) التحرير والتنوير لابن عاشور: ٣/٢٦٥.
(٥) انظر: النكت والعيون للماوردي: ١/٣٩٨.
(٦) هو: محمد بن مكرم بن علي بن منظور الأنصاري الأفريقي، أبو الفضل، صاحب (لسان العرب) الإمام، اللغوي، الحجة، توفي سنة (٧١١هـ).
... انظر ترجمته: بغية الوعاة للسيوطي: ١/٢٤٨. والأعلام للزركلي: ٧/١٠٨.
(٧) لسان العرب لابن منظور: ١١/٧١، مادة (بَهَل).