صاحب أبي حنيفة(١)، والقاضي في زمنه، أن يؤلف كتاباً في السياسة الاقتصادية للدولة، فألّف له كتاباً سماه (الخراج) (٢).
... كما كان للخلفاء عناية كبيرة بكثير من الأعمال والحِرف؛ كالزراعة، والتجارة، والصناعة، واهتموا بها اهتماماً كبيراً أدى إلى ظهور الثراء والترف من عوائدها، وعلى الأخص في طبقة الأمراء والوزراء، كما انتشر نتيجة للفتوحات الإسلامية المتتالية الرقيق والجواري بكثرة، وكان للجواري أثر بعيد الغور في الحياة الاجتماعية على مستوى جميع الطبقات، حتى إن بعض الخلفاء كانت أمه جارية، إلا أن هذا الثراء والترف لم يمنع من وجود جماعة من الناس ممن آثروا الزهد والورع، والانشغال بالعلم والتدريس والتصنيف كأبي عبيد القاسم بن سلام - رحمه الله -(٣).
*... *... *
المطلب الثالث
عصره العلمي
... لقد عاش أبو عبيد القاسم بن سلاّم في أرقى عصور الإسلام من الجانب العلمي والفكري؛ وذلك في العصر العباسي الأول، وفي هذا العصر ظهر في حاضرة بلاد الإسلام علماء أجلاَّء، قعَّدوا العلوم الإسلامية، وأصَّلُوها، وأفردوها بالتصنيف، والإضافة، والتكميل، فكان هذا العصر بحق: العصر الذهبي لعلوم هذا الدين.

(١) هو: النعمان بن ثابت بن المرزُبان، أبو حنيفة، الإمام، المجتهد، الفقيه، أحد الأئمة الأربعة في الفقه، توفي سنة (١٥٠هـ).
... انظر ترجمته: السير للذهبي: ٦/٣٩٠. وكتاب أبو حنيفة النعمان، إمام الأئمة الفقهاء لوهبي غاوجي: ص ٤٧ وما بعدها.
(٢) انظر: أبو عبيد القاسم بن سلام لسائد بكداش: ص ١٧ - ١٨.
(٣) انظر تفصيل ذلك في: تاريخ الأمم والملوك للطبري: الجزء الثامن، وكتاب ضحى الإسلام لأحمد أمين: ١/٥ - ٣٧، وتاريخ الأدب العربي (العصر العباسي الأول) لشوقي ضيف: ص ٤٤ - ٨٨.


الصفحة التالية
Icon