قوله تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: ١٥٩].
[المراد بالانفضاض في قوله تعالى: ﴿ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ ]
" قول أبي عبيد:
... قال أبو عُبيد القاسم بن سلاَّم - رحمه الله -:
... كل شيء تفرّق من شيء فقد انفضَّ منه؛ وقال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ (١).
... وقال أيضاً: كل منكسر متفرق فهو مُنْفَضّ؛ قال الله عز وجل: ﴿ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ (٢).
" الدراسة:
... ذهب أبو عُبيد القاسم بن سلاَّم إلى أن المراد بالانفضاض في قوله تعالى: ﴿ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ التفرق، أي لتفرقوا وانصرفوا عنك.
وهذا التفسير هو المروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (٣).
... وبه قال أكثر المفسرين؛ كأبي عبيدة مَعْمَر بن المثنَّى، والطبري، والبغوي، والزمخشري، والقرطبي، وأبو حيان، والشوكاني(٤).
النتيجة:
... ما ذكره أبو عُبيد القاسم بن سلاَّم في تفسير الانفضاض بالتفرق والانصراف وذلك في قوله تعالى: ﴿ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ هو تفسير صحيح إن شاء الله تعالى، فهو التفسير المأثور عن السلف كابن عباس - رضي الله عنهما - وبه قال عامة أهل التفسير.
(٢) المرجع السابق: ٢/١٧٨ - ١٧٩.
(٣) انظر: جامع البيان للطبري: ٣/٤٩٥، والدر المنثور للسيوطي: ٤/٨٧.
(٤) انظر: مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/١٠٧، وجامع البيان للطبري: ٣/٤٩٥، ومعالم التنزيل للبغوي: ٢/١٢٤، والكشاف للزمخشري: ١/٦٤٧، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٤/٢٤١، والبحر المحيط لأبي حيان: ٤/١٠٤، وفتح القدير للشوكاني: ١/٦٤٠.