... الذي يظهر - والله أعلم - أن لكل قول من الأقوال الواردة في المراد بالنحلة نصيب من الصحة، فلا مانع حينئذ من القول بها جميعاً عند تفسير الآية أو القول ببعضها كما فعل بعض المفسرين؛ يقول النحاس: (وقيل معنى نحلة: ديناً من قولهم: فلان ينتحل كذا أي تعبداً لله عز وجل، وقيل: فرضاً، والمعنى واحد؛ لأن الفرض متعبد به) (١).
... فلذا يمكن القول بأن المراد بالنحلة: عطية مفروضة يعطيها الزوج أو الولي للمرأة عن طيب نفس منه تعبداً وديانة لله عز وجل.
*... *... *
قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النساء: ٢٥].
[المراد بالإحصان في قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا أُحْصِنَّ ﴾ ]
" قول أبي عبيد:
... قال القرطبي - رحمه الله -:
... وقال آخرون: إحصانها التزوج بحرّ، فإذا زنت الأمَة المسلمة التي لم تتزوج فلا حدّ عليها، قاله: سعيد بن جبير والحسن وقتادة، وروي عن ابن عباس وأبي الدرداء(٢)،

(١) معاني القرآن للنحاس: ٢/١٧، وانظر أيضاً: الوجيز للواحدي: ١/٢٥٢.
(٢) هو: عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري الخزرجي، أبو الدرداء، حكيم هذه الأمة وإمام القراء بدمشق، روى عن النبي ﷺ عدة أحاديث، مات سنة (٣٢هـ).
... انظر ترجمته: الاستيعاب لابن عبدالبر: ٣/١٢٢٧. والسير للذهبي: ٢/٣٣٥.


الصفحة التالية
Icon