... وهذا الخلاف مبني على القراءتين المتواترتين الواردتين في قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا أُحْصِنَّ ﴾ فعلى القراءة بفتح الهمزة والصاد في (أَحصَن) يكون معناها: أسلمن، وعلى القراءة بضم الهمزة وكسر الصاد في (أُحصِن) يكون معناها: تزوجن(١).
النتيجة:
... الظاهر - والله أعلم - أن قول الجمهور - وهو أن المراد بالإحصان: الإسلام - هو الأقرب للصواب، ويشهد لهذا ما يلي:
- أن هذا القول هو قول الجمهور، وقول الجمهور مقدم على غيره.
- أن السنة الصحيحة تؤيد هذا القول، يقول القرطبي: (وقالت فرقة: إحصانها التزوج، إلا أن الحد واجب على الأمة المسلمة غير المتزوجة بالسنة الصحيحة كما في صحيح البخاري ومسلم؛ أنه قيل: يا رسول الله: الأمة إذا زنت ولم تحصن، فأوجب عليها الحد) (٢).
والحديث إذا ثبت وكان في معنى أحد الأقوال فهو مرجح له على ما خالفه(٣).
- أما ما ذكره أبو حيان في تضعيف هذا القول فيرد عليه بأنه يجوز في اللغة إعادة الكلام الدال على نفس المعنى لطول الفاصل وهذا مستعمل شائع(٤).
*... *... *
قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [النساء: ٣٢].
[التمني المنهي عنه في الآية]
" قول أبي عبيد:

(١) انظر: النكت والعيون للماوردي: ١/٤٧٣، والقراءة بالفتح هي قراءة شعبة وحمزة والكسائي وخلف، والقراءة بالضم هي قراءة الباقين. انظر: النشر في القراءات العشر لابن الجزري: ٢/٢٤٩.
(٢) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٥/١٣٨، وانظر: صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب بيع المدبر، وصحيح مسلم، كتاب الحدود، باب رجم اليهود وأهل الذمة في الزنا.
(٣) انظر: قواعد الترجيح لحسين الحربي: ١/٢٠٦.
(٤) انظر: روح المعاني للألوسي: ٥/١١.


الصفحة التالية
Icon