... الذي يظهر - والله أعلم - أن المراد بالتعزير في الآية: الإعانة والنصر، أما القول بأن المراد بالتعزير: التعظيم وهو القول المنسوب لأبي عبيد فإنه داخل في معنى النصرة، يقول النحاس: (والتعظيم داخل في النصرة) (١).
... كما أن القرآن يشهد لصحة هذا القول؛ يقول الطبري: (وذلك أن الله جل ثناؤه قال في سورة الفتح: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٨) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ﴾ [الفتح: ٨ - ٩] فـ(التوقير) هو التعظيم) (٢)، فكأن الطبري - رحمه الله - يرى أن لا وجه لأن تكون كلمتان متجاورتان بنفس المعنى.
... وهناك من المفسرين من جمع بين المعاني المذكورة في بعض التعزير عند تفسيره للآية؛ فمن ذلك قول الثعالبي عند ذكره لمعنى التعزير: (قال بعض المفسرين: وعزرتموهم: معناه: وقرتموهم وعظمتموهم ونصرتموهم) (٣).
*... *... *
قوله تعالى: ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [المائدة: ٤٢].
[المراد بالسحت في قوله تعالى: ﴿ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ﴾ ]
" قول أبي عبيد:
... قال أبو عُبيد القاسم بن سلاَّم - رحمه الله -:
... قال الله عز وجل: ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ﴾ وهي الرشوة في التفسير(٤).
" مجمل الأقوال الواردة في المسألة:
... ١ - أن المراد بالسحت: الرشوة.
... ٢ - أن المراد بالسحت: كل كسب لا يحل.
" الدراسة:
... ذكر أبو عُبيد القاسم بن سلاَّم أن المراد بالسحت في التفسير: الرشوة.
(٢) جامع البيان للطبري: ٤/٤٩٣.
(٣) الجواهر الحسان للثعالبي: ١/٤٥١.
(٤) الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد: ص ٢٤٢.