كما أن كثيراً من كلام العرب وأشعارهم يشهد لهذا المعنى ويؤيده، فهذا الأسلوب شائع ومستعمل في اللغة، يقول الطبري: (وذلك نظير وصف الله إياهم في موضع آخر بقوله: ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: ١٧١]، والعرب تقول ذلك للتارك استعمال بعض جوارحه فيما يصلح له... وذلك كثير في كلام العرب وأشعارها) (١).
*... *... *
قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آَتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: ١٨٩].
[المراد بالسَّكن في قوله تعالى: ﴿ لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ ]
" قول أبي عبيد:
قال أبو عُبيد القاسم ابن سلاَّم - رحمه الله - :
وأما السَّكن - بنصب الكاف - فهو كل شيء تسكن إليه وتأنس به، قال الله تبارك وتعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ (٢).
" الدراسة:
فسر أبو عُبيد القاسم بن سلاَّم السَّكن في قوله تعالى: ﴿ لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ : بالأُنس.
وإلى هذا المعنى ذهب جمهور المفسرين وإن عبروا عن المعنى بألفاظ متقاربة تعود في مجملها إلى المعنى الذي ذهب إليه أبو عُبيد.
(٢) غريب الحديث لأبي عبيد: ٢/٣٧١.