وروي عن مجاهد أن المراد بها الخمس الذي جعله الله تعالى لأهل الخمس(١).
ونسب ابن عاشور إلى الجمهور القول بأن المراد بالأنفال: ما كان زائداً على المغنم، فيكون النظر فيه لأمير الجيش، يصرفه لمصلحة المسلمين، أو يعطيه لبعض الجيش لإظهار مزية البطل، أو لخصلة عظيمة يأتي لها، أو للتحريض على النكاية في العدو(٢).
ورجَّح هذا القول الطبري، وعلل ترجيحه بقوله: (وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال بالصواب؛ لأن "النفل" في كلام العرب إنما هو الزيادة على الشيء، يقال منه: "نفلتك كذا" و"أنفلتك" إذا زدتك) (٣).
النتيجة:
الذي يظهر - والله أعلم - رجحان القول الأول وهو أن المراد بالأنفال: الغنائم، ويشهد لهذا أن هذا القول هو قول أكثر المفسرين، وهو الصحيح المروي عن ابن عباس
- رضي الله عنهما -.
أما القول المنسوب إلى الحسن وهو أن المراد بالأنفال: السرايا التي تتقدم الجيش، ففي ثبوته عنه نظر، ولذلك قال ابن الجوزي: (وحُكي عن الحسن) (٤).
أما القول المروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - من أن المراد بها: ما شذ من المشركين إلى المسلمين بغير قتال، فالقول الأول أقوى وأصح ثبوتاً عنه.
أما ما روي عن مجاهد وهو أن المراد به الخمس فقد روي عنه أيضاً أن المراد بالأنفال الغنائم.

(١) انظر: جامع البيان للطبري: ٦/١٧٠.
(٢) انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور: ٩/٢٥٠.
(٣) جامع البيان للطبري: ٦/١٧٠ - ١٧١.
(٤) زاد المسير لابن الجوزي: ص ٥٣٩.


الصفحة التالية
Icon