... بعد أن تلقّى أبو عبيد - رحمه الله - مبادئ العلوم في (هَراة) مسقط رأسه رحل منها قاصداً طلب العلم، فكانت أولى رحلاته إلى العراق (بغداد، والكوفة، والبصرة) تلك المدن التي سطع فيها نور العلم، وقصدها القاصي والدَّاني، فطلب العلم فيها، وسمع الحديث، ودرس الأدب، ونظر في الفقه(١)، وذلك على يد كبار علمائها من أهل الحديث والفقه، وأئمة اللغة من الكوفيين والبصريين. وكان دخوله لبغداد في حدود سنة (١٧٦هـ)، وذلك لأنه روى عن قاضيها: سعيد بن عبدالرحمن الجُمَحي المتوفى سنة (١٧٦هـ) (٢)، كما سمع فيها من الفرج بن فُضَالة المتوفى سنة (١٧٧هـ) (٣).
... ثم دخل الكوفة قبل نهاية سنة (١٧٧هـ) حيث سمع من قاضيها: شُرَيك بن عبدالله النَّخَعي المتوفى سنة (١٧٧هـ) (٤).
... وبعد رمضان من سنة (١٧٩هـ) دخل أبو عبيد البصرة، فقد جاء في "تاريخ بغداد" عنه أنه قال: (دخلتُ البصرة لأسمع من حمَّاد بن زيد(٥)، فقدمتُ فإذا هو قد مات سنة (١٧٩هـ)) (٦).
... وهكذا يتبين أن أبا عبيد كان يتنقل بين مدن العراق يسمع من علمائها، ويأخذ عنهم.
(٢) روى عنه في كتاب الأموال: ص ٢٩٨، وله ترجمة في تهذيب التهذيب لابن حجر: ٢/٣٠.
(٣) روى عنه في كتاب فضائل القرآن: ص ١١٨، وله ترجمة في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ١٢/٣٩٣.
(٤) روى عنه في كتاب الأموال: ص ٧١، وله ترجمة في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ٩/٢٧٩، وتقريب التهذيب لابن حجر: ص ٣٦.
(٥) هو: حماد بن زيد، أبو إسماعيل، العلامة، الحافظ، محدث وقته، توفي سنة (١٧٩هـ).
... انظر ترجمته: السير للذهبي: ٧/٤٥٦. وتقريب التهذيب لابن حجر: ص ٤٣٦.
(٦) انظر: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ١٢/٤٠٨.