... وقبل سنة (١٩١هـ) رحل إلى الرَّقَّة(١)، وجالس علمائها، ومحدثيها؛ قال أبو عبيد: (جلستُ إلى مُعَمَّر بن سليمان(٢) بالرَّقَّة، وكان من خير من رأيت) (٣).
... ثم عاد بعد هذه الرحلة إلى (خُرَاسان)، وطنه الأصلي، فعمل هناك مؤدباً لآل هرثمة(٤)، ثم اتصل بثابت بن نصر بن مالك الخزاعي(٥) والي (طَرَسوس) فولى أبا عبيد القضاء مدة ولايته وذلك من سنة (١٩٢هـ) حتى سنة (٢١٠هـ)، وبعد هذه المدة الطويلة في القضاء عاد أبو عبيد إلى (بغداد) ثانية، وهناك اتصل بعبدالله بن طاهر والي (خراسان) (٦).
... ويُروى أن أبا عبيد لما ألف كتابه (غريب الحديث) عرضه على عبدالله بن طاهر فاستحسنه، وقال: (إن عقلاً بعث صاحبه على عمل مثل هذا الكتاب لحقيق ألا يُحْوِجَ إلى طلب المعاش فأجرى له عشرة آلاف درهم في كل شهر) (٧).
... فكان في أول عمره مؤدِّباً لأولاد الأمراء والوزراء، ثم قاضياً مدة طويلة، ثم صاحباً لهم يعرفون له منزلته، ويجلّونه ويحترمونه لعلمه وزهده.
(٢) هو: مُعَمَّر بن سليمان الرَّقي النخعي، أبو عبدالله، من أجلاء المحدثين، توفي سنة (١٩١هـ).
... انظر ترجمته: تهذيب التهذيب لابن حجر: ٤/١٢٨.
(٣) انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر: ٤/١٢٨، والمرشد الوجيز لأبي شامة: ص ٤٣٦.
(٤) انظر: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ١٢/٤٠٤.
(٥) هو: ثابت بن نصر بن مالك الخزاعي، كان يتولى إمارة الثغور، وحَسُن أثره فيها، ويذكر عنه فضل وصلاح، توفي سنة (٢١٠هـ).
... انظر ترجمته: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ٧/١٤٢.
(٦) انظر: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ١٢/٤٠٤.
(٧) المرجع السابق: ١٢/٤٠٦ - ٤٠٧.