- وكان - رحمه الله - يقف من الصحابة موقف أهل السنة والجماعة؛ يوالونهم كلَّهم، وينزلونهم منازلهم التي يستحقونها بالعدل والإنصاف، لا بالهوى والتعصب، وأن حبَّهم إيمان ودين وإحسان، وأن أفضلهم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ثم العشرة المشهود لهم بالجنة(١).
- أما في مسألة القول بخلق القرآن، فهو يرى في هذه المسألة رأي أهل السنة والجماعة؛ وهو أن القرآن كلام الله، وليس بمخلوق، ومن قال بخلافه فهو كافر.
يقول أبو عبيد: (من قال بالقرآن مخلوق فهو شرٌّ ممن قال: إن الله ثالث ثلاثة
- جل الله تعالى - لأن أولئك يثبتون شيئاً، وهؤلاء لا يثبتون المعنى) (٢).
وقال أيضاً: (من قال: القرآن مخلوق فقد افترى على الله - عز وجل - وقال عليه ما لم تقله اليهود والنصارى) (٣).
- وقد كان أبو عبيد القاسم بن سلام من أشد الناس على المخالفين من أهل البدع والأهواء ممن لا ينفع معهم المجادلة بالحجة والبرهان.
يقول عباس الدوري: سمعت أبا عبيد يقول: (عاشرت الناس، وكلَّمت أهل الكلام، فما رأيت قوماً أوسخ وسخاً، ولا أضعف حجة من الرافضة(٤)،
(٢) انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي: ١/٢٦٤.
(٣) انظر: كتاب السنة لعبدالله بن أحمد بن حنبل: ١/١٢٩.
(٤) الرافضة: الشيعة الاثنا عشرية، كانوا يكفرون خيار الصحابة كأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ويسمّون بالرافضة لرفضهم خلافة أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - أو لرفضهم زيد بن علي بن الحسين وانصرافهم عنه ونقضهم بيعته بعد ثناءه على أبي بكر وعمر، ولم يكن الشيعة جميعاً متفقين في المذهب والعقيدة، بل تفرقت بهم الأهواء، فانقسموا إلى عدة فرق.
... انظر: الفَرْق بين الفِرَق للبغدادي: ص ٥١ وما بعدها، والملل والنحل للشهرستاني: ١/١٦٩ وما بعدها.