... قبل الشروع في بيان منهج أبي عبيد القاسم بن سلام - رحمه الله - في التفسير، ينبغي التنبيه إلى أنه يحسن بكل باحث يريد استخراج منهج عالم من العلماء في أي علم من العلوم أن يكون بين يديه جميع ما كتبه هذا العالم في هذا العلم، ليكون حكمه دقيقاً في بيان منهجه، والمتأمل في أقوال أبي عبيد القاسم بن سلام في التفسير يجدها تشكّل جزءاً من تفسيره للقرآن، أما بقية تفسيره فهو مفقود في ثنايا كتبه التي لم تصل إلينا، لاسيما كتبه: (القراءات) و(غريب القرآن) و(معاني القرآن) و(مجاز القرآن).
... وبناء على هذا فإن بيان منهجه في التفسير في هذا البحث هو بيان تقريبي مبني على الموجود من أقواله التفسيرية المذكورة في كتبه، والمنقولة عنه، فالله - عز وجل - أسأل التوفيق والسداد.
*... *... *
تفسير القرآن بالقرآن
المطلب الأول
تفسير القرآن بالقرآن
... أجمع العلماء على أن أفضل طرق التفسير وأصحها: تفسير القرآن بالقرآن، إذ لا أحد أعلم بمعنى الكلام من المتكلم.
... والناظر في القرآن الكريم يجده قد اشتمل على الإيجاز والإطناب، والإجمال والتبيين، والإطلاق والتقييد، فما أُجمل في مكان فإنه قد فُسّر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر(١).
... يقول ابن تيميَّة: (فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب: أن أصح الطرق في ذلك أن يفسّر القرآن بالقرآن؛ فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بُسط في موضع آخر) (٢).
... وقال أيضاً: (ولم يكن السلف يقبلون معارضة الآية إلا بآية أخرى تفسرها وتنسخها) (٣).

(١) انظر: الفتاوى لابن تيميَّة: ١٣/٣٦٣، ط (مكتبة ابن تيميَّة). وتفسير القرآن العظيم لابن كثير: ١/٧، دار طيبة، والبرهان في علوم القرآن للزركشي: ٢/١٧٥، دار المعرفة.
(٢) الفتاوى لابن تيميَّة: ١٣/٣٦٣.
(٣) المرجع السابق: ١٣/٢٩.


الصفحة التالية
Icon