... يقول ابن تيميَّة في هذا: (فإن أعياك ذلك - أي تفسير القرآن بالقرآن - فعليك بالسنة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل لقد قال الإمام أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي: كل ما حكم به رسول الله ﷺ فهو مما فهمه من القرآن، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ tûüدZح !$y‚ù=دj٩ خَصِيمًا ﴾ [النساء: ١٠٥].
... وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [النحل: ٦٤].
... ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه)(١). يعني: السنة، والسنة تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن، لا أنها تتلى كما يُتلى)(٢).
... وقد اهتم أبو عبيد بهذا الطريق اهتماماً ظاهراً، ولا غرابة في هذا فهو من ألف الكتاب المشهور (غريب الحديث) والذي صار عمدة لمن بعده في هذا الفن.
فمن ذلك:
... ما جاء عند قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾ [المائدة: ١٠٩]: عن ابن جريج في قوله عز وجل: ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا ﴾ قال: قيل لهم ماذا علمتم من الأمم بعدكم ﴿ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا ﴾.

(١) أخرجه أبو داود في سننه في كتاب السنة، باب (لزوم السنة)، برقم (٤٦٠٤)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود: ٣/١١٧، مكتبة المعارف.
(٢) مقدمة في أصول التفسير لابن تيميَّة: ص ٨٥، دار ابن حزم.


الصفحة التالية
Icon