... ومن هنا يتبين أهمية تفسير القرآن بأقوال الصحابة - رضوان الله عليهم - بل إن من تفسيرهم ما له حكم المرفوع؛ إذا كان متعلقاً بسبب نزول الآية، أو إذا كان التفسير مما لا يمكن أن يؤخذ إلا عن النبي ﷺ ولا مدخل للرأي فيه(١).
... يقول ابن القيِّم(٢): (لا ريب أن أقوالهم في التفسير أصوب من أقوال من بعدهم) (٣).
... أما تفسير القرآن بأقوال التابعين فيأتي في المرتبة التي تلي تفسيره القرآن بأقوال الصحابة، وفي آية سورة التوبة ﴿ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ ﴾ والحديث الصحيح: (خير القرون قرني...) ما يشهد لفضلهم لاسيّما كبارهم، فقد عاصروا الصحابة، وأخذوا عنهم، وكانوا أسلم الناس بعد الصحابة اعتقاداً.
... وقد اختلف العلماء في حجية قولهم في التفسير إذا لم يرد تفسير للقرآن بالقرآن أو بالسنة أو بأقوال الصحابة، ولعل الصواب في ذلك أن قولهم حجة إذا أجمعوا على قول أو تفسير معيّن، أما إذا اختلفوا فلا يكون حجة، ويرجّح بين أقوالهم بالمرجحات المقررة عند العلماء.
... يقول ابن تيميَّة: (قال شعبة بن الحجَّاج(٤)

(١) انظر: إجمال الإصابة للعلائي: ١/٧٤، جمعية إحياء التراث، وتدريب الراوي للسيوطي: ١٠/١٩٣، مكتبة الرياض الحديثة.
(٢) هو: محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي، أبو عبدالله، شمس الدين، الشهير بابن القيم الجوزية، الفقيه، الحنبلي، الأصولي، المفسِّر، تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية، له مؤلفات ناعة، وتحقيقات بارعة، توفي سنة (٧٥١هـ).
... انظر ترجمته: المقصد الأرشد لابن مفلح: ٢/٣٨٤. وطبقات المفسرين للداودي: ٢/٢٨٤.
(٣) إعلام الموقعين لابن القيم: ٤/١٥٣، دار الجيل.
(٤) هو: شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي، مولاهم، أبو بسطام الواسطي ثم البصري، ثقة، حافظ، مفسّر، كان الثوري يقول: هو أمير المؤمنين في الحديث، وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال، وذبَّ عن السنة، توفي سنة (٦٠هـ).
... انظر ترجمته: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ٩/٢٥٦. وتهذيب الكمال للمزي: ١٢/٤٧٩. وطبقات المفسرين للداودي: ١/٢٠.


الصفحة التالية
Icon