... فمن ذلك ما جاء عند قوله تعالى: ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ﴾ [الصافات: ١٢] فقد اختار أبو عبيد القراءة بضم التاء في (عجبتُ) (١) وقال: من قرأ (عجبتُ) فهو إخبار عن الله جل وعز، وحجتهم ما روي في الحديث: (إن الله عجب من فتى لا صبوة له) (٢). وقال صلى الله عليه وسلم: (عجب ربكم من إلِّكُم وقنوطكم، وسرعة إجابته لكم) (٣).
... قال أبو عبيد: (والشاهد لها مع هذه الأخبار قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ ﴾ [الرعد: ٥] فأخبر الله جل جلاله أنه عَجِبَ، ومما يزيده تصديقاً الحديث المرفوع: (عجب الله البارحة من فلان وفلان) (٤).
... وجاء في الأحاديث التي يروى فيها الرؤية، والكرسي، وموضع القدمين، وضحك الرب - عز وجل - وأين كان ربنا سبحانه، قال أبو عبيد: (هذه أحاديث صحاح، حملها أصحاب الحديث، والفقهاء بعضهم عن بعض، وهي عندنا حق لا شك فيها، ولكنه إذا قيل: كيف يضحك؟ وكيف وضع قدمه؟ قلنا: لا نفسر هذا، ولا سمعنا أحداً يفسره)(٥).

(١) وهذه قراءة: حمزو والكسائي وخَلَف، انظر: النشر لابن الجزري: ٢/٣٦٥.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده: ٤/١٥١ (١٧٤٠٩)، وحسنه السخاوي في المقاصد الحسنة ص ٢٠٦، والهيثمي في مجمع الزوائد ١٠/٢٧٠، وضعفه ابن حجر في (فتاويه) لأن في سنده ابن لهيعة.
(٣) أخرجه الحاكم في مستدركه وصححه: ٢/١٢٣، برقم (٢٥٣١) من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.
(٤) أخرجه البخاري في التفسير، باب (ويؤثرون على أنفسهم) (٤٦٠٧) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٥) أورده الذهبي في السير: ١٠/٥٠٥، بإسناده عن العباس الدُّوري قال: سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام، وذكر قوله...


الصفحة التالية
Icon