... أما في مجال العقيدة فكلاهما من كبار أئمة أهل السنة والجماعة المتبعين منهج وعقيدة السلف الصالح في أنواع توحيد الله سبحانه، وبقية أصول الإيمان، وما يتبعه من مسائله، والصحابة، والإمامة، وكذلك في آيات الصفات.
... فهما فيما مضى وما يتصل به من مسائل الاعتقاد مذهب الطائفة الناجية والفرقة المنصورة، لم يُعرف عنها غير هذا، بل إن تفسير الطبري وأقوال أبي عبيد من مصادر تفسير أهل السنة والجماعة.
... وقد ظهر أثر هذا جليّاً في تفسيرهما، ولاسيما في العقيدة والصفات(١).
... وأما من ناحية اللغة فكلاهما من العلماء باللغة وأساليبها وأسرارها، فهما يوضحان الغريب، ويبينان اشتقاقات الكلمة وأصلها في اللغة، مع ذكر الشواهد على ذلك من شعر العرب ونثرهم(٢).
... وأما في مجال الفقه واستنباط الأحكام فأبو عبيد والطبري إمامان مجتهدان وكلاهما يهتم بآيات الأحكام، إلا أن أبا عبيد لا يتوسع كثيراً في ذكر الأقوال والأدلة كما يفعل الطبري(٣).
... ويورد كل منهما أسباب النزول إلا أن ذلك قليل عند أبي عبيد بخلاف الطبري(٤).
... وفي علم الناسخ والمنسوخ يظهر أنهما عالمان متبحِّران فيه وقد ظهر هذا في بعض أقوال أبي عبيد في التفسير، أما عند الطبري فكثير جداً(٥).
... أما الإسرائيليات في التفسير فقد ابتعد أبو عبيد عن ذكرها، بخلاف الطبري الذي ذكر جملة ليست باليسيرة منها، وقد خرج من عهدتها بالإسناد(٦).

(١) انظر: غريب الحديث لأبي عبيد: ٢/٢٣٤، وجامع البيان: ١٠/٥٠٤.
(٢) انظر: غريب الحديث لأبي عبيد: ٢/٣٠٠، وجامع البيان للطبري: ٣/٢٩٥.
(٣) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٣/٦٣، وجامع البيان للطبري: ٢/٣٨٢.
(٤) انظر: كتاب الإيمان لأبي عبيد: ص ١١، وجامع البيان للطبري: ٢/١٩.
(٥) انظر: كتاب الأموال لأبي عبيد: ص ٥٩٩، وجامع البيان للطبري: ٦/٣٩٩.
(٦) انظر: جامع البيان للطبري: ٨/٢٧٩.


الصفحة التالية
Icon