رضي الله عنه قال: بينا رسول الله ﷺ ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسماً، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: (أنزلت علي آنفاً سورة، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِن شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾... الحديث) (١).
... الثالث: أنها آية من أول سورة الفاتحة دون غيرها من السور، وهذا القول رواية عن أحمد ابن حنبل، وهو قول أكثر فقهاء الحجاز، وإليه ذهب قراء مكة والكوفة(٢)، نسبه القرطبي للشافعي(٣)، واستدل أصحاب هذا القول بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: إذا قرأتم ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ فاقرؤا بسم الله الرحمن الرحيم، إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني، وبسم الله الرحمن الرحيم أحد آياتها) (٤).
... وذهب ابن العربي(٥)،

(١) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب (حجة من قال: البسملة آية من كل سورة سوى براءة).
(٢) انظر: الإنصاف للمرداوي: ٢/٤٨، والمبدع لابن مفلح: ١/٤٣٧. وانظر: البيان في عد آي القرآن للداني: ص٥٣.
(٣) انظر: معالم التنزيل للبغوي: ١ - ٥١، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ١/١٢٩، ط دار الكتاب العربي، والفتاوى لابن تيمية: ٢٢/٢٥٤.
(٤) أخرجه الدراقطني: ١/٣١٢، وفي إسناده عبدالحميد بن جعفر، وثقه ابن معين وأحمد بن حنبل ويحيى بن سعيد، وضعفه سفيان الثوري.
(٥) هو: محمد بن عبدالله بن العربي المعافري الأندلسي المالكي، أبو بكر، أحد الأعلام، انتهت إليه الرياسة في العلم في الأندلس، صنَّف في التفسير وأحكام القرآن، توفي سنة (٥٤٣هـ).
... انظر ترجمته: البداية والنهاية لابن كثير: ١٢/٢٢٨. وطبقات المفسرين للسيوطي: ص ١٠٥.


الصفحة التالية
Icon