وابن عطية، والقرطبي، إلى أن البسملة ليست بآية من الفاتحة ولا من غيرها(١)، وهو قول ابن مسعود رضي الله عنه، وقرَّاء المدينة والبصرة وفقهائهما(٢)، واستدل أصحاب هذا القول بأدلة منها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (صليت خلف النبي ﷺ وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بـ ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا آخرها) (٣).
... كما احتج أصحاب هذا القول بأن القرآن لا يثبت إلا بطريق التواتر القطعي الذي لا يختلف فيه، يقول ابن العربي: (ويكفيك أنها ليست من القرآن اختلاف الناس فيها، والقرآن لا يختلف فيه) (٤).
النتيجة:
... الذي يظهر - والله أعلم - أن أقرب الأقوال إلى الصواب هو القول الأول القائل بأن البسملة آية مستقلة نزلت مع كل سورة إلا براءة وليست من السورة بل هي آية مفردة نزلت في أول كل سورة للفصل، ويدل على قوة هذا القول ما يلي:
- أن هذا القول تؤيده السنة الصحيحة، والحديث إذا ثبت وكان في معنى أحد الأقوال فهو مرجح له على ما خالفه(٥).
- أن هذا القول يؤيده الرسم، والوجه التفسيري الذي يؤيده رسم المصحف أولى(٦).

(١) انظر: أحكام القرآن لابن العربي: ١/٢، ط دار الجيل، والمحرر الوجيز لابن عطية: ١/٦٠ - ٦١، ط دار الكتب العلمية، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ١/١٢٩ - ١٣٠.
(٢) انظر: أحكام القرآن لابن العربي: ١/٢، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ١/١٢٩ - ١٣٠، وانظ: البيان في عد آي القرآن للداني: ص ٥٥.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب صفة الصلاة، باب ما يقوله بعد التكبير، ومسلم في كتاب الصلاة، باب (حجة من قال: لا يجهر به)، واللفظ لمسلم.
(٤) أحكام القرآن لابن العربي: ١/٢.
(٥) انظر: قواعد الترجيح للحربي: ١/٢٠٦، ط دار القاسم.
(٦) انظر: المرجع السابق: ١/١١٠.


الصفحة التالية
Icon