- أن القول به يقتضي العمل بأكثر الأدلة والآثار في المسألة والتي تثبت أن البسملة آية من القرآن، وهو وجه معتبر من أوجه الترجيح لما تقرر عند العلماء أن العمل بجميع الأدلة أولى من ترك بعضها والعمل بالبعض الآخر، والقول الذي يؤدي إلى ذلك مقدم على ما عدم ذلك(١).
- أما ما استدل به المخالفون القائلون بأن البسملة ليست بآية من الفاتحة ولا من غيرها ففيه نظر، فأما استدلالهم بحديث أنس رضي الله عنه فليس فيه نفي لقراءة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر وعثمان للبسملة، فهو إنما يدل على نفي الجهر لا نفي القراءة، فإنه قد ثبت في الصحيحين أن أبا هريرة رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول) (٢)(٣).
- وأما قولهم بأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر القطعي فقد فنَّده ابن تيمية بقوله: (والتحقيق أن هذه الحجة مقابلة بمثلها، فيقال لهم: بل يقطع بكونها من القرآن حيث كتبت كما قطعتم بنفي كونها ليست منه، ومثل هذا النقل المتواتر عن الصحابة بأن ما بين اللوحين قرآن، فإن التفريق بين آية وآية يرفع الثقة بكون القرآن المكتوب بين لوحي المصحف كلام الله، ونحن نعلم بالاضطرار أن الصحابة الذين كتبوا المصاحف نقلوا إلينا أن ما كتبوه بين لوحي المصحف كلام الله الذي أنزله على نبيه ﷺ لم يكتبوا فيه ما ليس من كلام الله) (٤).

(١) انظر: شرح مختصر الروضة للطوفي: ٣/٧٣٢، ط مؤسسة الرسالة.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب صفة الصلاة، باب (ما يقوله بعد التكبير)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب (ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة).
(٣) انظر: الفتاوى لابن تيمية: ٢٢/١٦٧ - ١٦٨.
(٤) الفتاوى لابن تيمية: ٢٢/٢٥٢ - ٢٥٣.


الصفحة التالية
Icon