- أن كثيراً من المفسرين جمع بين المعنيين عند تفسيره للآية، من ذلك قول القرطبي عند بيانه لمعنى -ayah text-primary">﴿ الدِّينِ ﴾ :(هو الجزاء على الأعمال والحساب بها) (١).
- ولأن كلا القولين في معنى الآية صحيح، وجميعها مراد من الآية، والقرآن يشهد لهما كما مر في الدراسة، فلذا كان الجمع بين المعنيين في تفسير الآية أولى من ترجيح أحدهما على الآخر، وهو ما ورد عن أبي عبيد حيث قال: الدين الحساب... ودننته: جزيته، واستشهاده ببيت الأعشى يؤكد ذلك.
*... *... *
قوله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [البقرة: ٤٨].
[معنى ﴿ تَجْزِي ﴾ في قوله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا ﴾...].
" قول أبي عبيد:
... قال أبو عُبيد القاسم بن سلاَّم - رحمه الله -:
... في حديث النبي ﷺ لأبي بردة بن نِيَار(٢) في الجذعة(٣) التي أمره أن يضحي بها: ولا تجزي عن أحد بعدك(٤).
... قال الأصمعي: وهو مأخوذ من قولك: قد جَزَى عني هذا الأمرُ فهو يَجْزي عني ولا همز فيه، ومعناه: لا تقضي عن أحد بعدك.
... يقول: لا تجزي لا تقضي، وقال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا ﴾ (٥).
" مجمل الأقوال الواردة في المسألة:
١ - لا تجزي أي: لا تقضي، ومنه قولهم: جزى الله فلاناً عني خيراً أي قضاه.

(١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ١/١٨٨.
(٢) هو: هانئ بن نيار بن عمرو، انظر: التهذيب لابن حجر: ١٢/١٩.
(٣) أي جذعة من المعز، وهو ما قبل الثَّني. انظر: القاموس المحيط للفيروزآبادي: ٩١٥، مادة (جَذَع)، ط مؤسسة الرسالة.
(٤) أخرجه البخاري في العيدين، باب (الأكل يوم النحر)، ومسلم في الأضاحي، باب (وقتها).
(٥) غريب الحديث لأبي عبيد: ١/٤٣، ط دار الكتب العلمية.


الصفحة التالية
Icon