... يقول ابن الجوزي: (العدل: الفداء، سمي بذلك لأنه يعادل المفدي) (١).
... وحُكي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن المراد بالعدل: أي رجل مكانة(٢).
... وقال الأصمعي: العدل: الفريضة(٣).
النتيجة:
... القول الأقرب للصواب - والله أعلم - هو القول الأول وهو قول أبو عُبيد ومن وافقه، وهو أن المراد بالعدل في الآية: الفدية.
... ويشهد لهذا المعنى آيات عديدة من كتاب الله عز وجل، منها قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ ﴾ [آل عمران: ٩١].
... وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَن لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المائدة: ٣٦].
... وقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا ﴾ [الأنعام: ٧٠].
... وقوله تعالى: ﴿ فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الحديد: ١٥].
والقول الذي تؤيده آيات من كتاب الله مقدَّم على ما عدم ذلك(٤).
... أما القول المحكي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - فلعله تفسير بالمثال والقول الأول أعمّ منه.
... وأما القول المنسوب للأصمعي فهو غريب لم يتابع عليه - فيما أعلم -.
... وبهذا يتبين قوة القول الذي قال به أبو عبيد ومن وافقه، وأنه الأقرب للصواب.
*... *... *

(١) زاد المسير لابن الجوزي: ص ٥٩.
(٢) حكاه عنه الألوسي في روح المعاني: ١/٢٥١.
(٣) نسب إليه هذا القول الماوردي في النكت والعيون: ١/١١٧.
(٤) انظر: مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية: ص ٧٣. والبحر المحيط للزركشي: ٦/١٧٥. وقواعد الترجيح لحسين الحربي: ١/٣١٢.


الصفحة التالية
Icon