... الراجح من الأقوال - والله أعلم - هو القول الأول القائل بأن الخيط الأبيض هو الفجر الصادق (ضوء النهار)، والخيط الأسود: سواد الليل.
ويشهد لهذا ما يلي:
- الأحاديث الصحيحة عند البخاري ومسلم وغيرهما، فهي أحاديث ثابتة تشهد لصحة هذا القول - الأول - فهي مرجحة له على ما خالفه(١).
- ذهاب جمهور المفسرين إلى القول بهذا القول، كما قال بذلك القرطبي ثم قال: (وبهذا جاءت الأخبار ومضت عليه الأمصار) (٢).
- أن هذا القول هو المعروف من كلام العرب، والواجب حمل كلام الله تعالى على المعروف من كلام العرب دون الشاذ والضعيف والمنكر(٣).
يقول الطبري: (وأولى التأويلين بالآية: التأويل الذي رُوي عن رسول الله ﷺ أنه قال: (الخيط الأبيض) بياض النهار، و(الخيط الأسود) سواد الليل. وهو المعروف في كلام العرب.
قال أبو دُؤاد الإيادي:
فَلمَّا أضاءَتْ لنا سُدْفةٌ...... ولاحَ مِنَ الصُّبْحِ خَيْطٌ أنَار
... وأما الأخبار التي رويت عن رسول الله ﷺ أنه شرب أو تسحَّر ثم خرج إلى الصلاة، فإنه غير دافع صحة ما قلنا في ذلك؛ لأنه غير مستنكر أن يكون ﷺ شرب قبل الفجر ثم خرج إلى الصلاة، إذا كانت الصلاة - صلاة الفجر - هي على عهده كانت تُصلى بعدما يطلع الفجر ويتبين طلوعه، ويؤذن لها قبل طلوعه.
... وأما الخبر الذي روي عن حذيفة: (أن النبي ﷺ كان يتسحر وأنا أرى مواقع النبل) فإنه قد استُثبت فيه فقيل له: أبعد الصبح؟ فلم يجب في ذلك بأنه كان بعد الصبح، ولكنه قال: (هو الصبح) وذلك من قوله يُحتمل أن يكون معناه: هو الصبح لقربه منه وإن لم يكن هو بعينه) (٤).

(١) انظر: روضة الناظر لابن قدامة: ٢/٤٦٤. وقواعد الترجيح لحسين الحربي: ١/٢٠٦.
(٢) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٢/٣١٣.
(٣) انظر: قواعد الترجيح لحسين الحربي: ٢/٣٦٩.
(٤) جامع البيان للطبري: ٢/١٨٢.


الصفحة التالية
Icon