... وجاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في رواية عنه أن المراد بالسلم في الآية الطاعة(١)، وهذا القول مروي عن الربيع بن أنس(٢).
وبه قال الزمخشري(٣).
... وذهب الثعلبي إلى أن الأقوال متقاربة في المعنى(٤).
النتيجة:
... الذي يظهر - والله أعلم - رجحان القول الأول القائل بأن المراد بالسلم الإسلام.
ويشهد لهذا ما يلي:
- أن هذا القول أشمل وأعم، فيدخل فيه غيره من الأقوال الواردة من باب دخول الجزء في الكل فإن الانقياد والطاعة داخلة في الإسلام، والواجب حمل نصوص الوحي على العموم ما لم يرد مخصص(٥).
- أن هذا القول يؤيده تصريف الكلمة وأصل اشتقاقها، فالسلم والإسلام بينهما تقارب كبير في التصريف والاشتقاق مما يؤيد تفسير السلم بالإسلام(٦).
*... *... *
قوله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: ٢٢٠].
[المراد بالمخالطة في قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ﴾ ]
" قول أبي عبيد:
... قال القرطبي - رحمه الله -:
... قال أبو عُبيد: مخالطة اليتامى أن يكون لأحدهم المال ويشق على كافله أن يُفرِد طعامه عنه، ولا يجد بُدّاً من خلطه بعياله فيأخذ من مال اليتيم ما يراه أنه كافيه بالتحرّي فيجعله مع نفقة أهله، وهذا قد يقع فيه الزيادة والنقصان، فجاءت هذه الآية الناسخة بالرّخصة فيه.

(١) انظر: الدر المنثور للسيوطي: ٢/٤٩١.
(٢) انظر: جامع البيان للطبري: ٢/٣٣٥.
(٣) انظر: الكشاف للزمخشري: ١/٤١٧.
(٤) انظر: الكشف والبيان للثعلبي: ٢/١٢٦.
(٥) انظر: شرح الكوكب المنير لابن النجار: ١/٢٩٥. وقواعد الترجيح لحسين الحربي: ٢/٥٢٧.
(٦) انظر: المرجع السابق: ٢/٥١١.


الصفحة التالية
Icon