... قال أبو عُبيد: وهذا عندي أصل لما يفعله الرُّفقاء في الأسفار فإنهم يتخارجون النفقات بينهم بالسويَّة، وقد يتفاوتون في قلة المطعم وكثرته، وليس كل من قلَّ مطعمه تطيب نفسه بالتفضل على رفيقه، فلما كان هذا في أموال اليتامى واسعاً كان في غيرهم أوسع، ولولا ذلك لخفت أن يضيق الأمر فيه على الناس(١).
" مجمل الأقوال الواردة في المسألة:
١ - أن المراد بالمخالطة: المخالطة في النفقة.
٢ - المخالطة في التجارة.
٣ - المخالطة بالنكاح.
" الدراسة:
... جاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في نزول الآية أنه قال: لما أنزل الله - عز وجل -: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [الأنعام: ١٥٢] و ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا ﴾ [النساء: ١٠] انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، فجعل يفضل من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد، فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله ﷺ فأنزل الله عز وجل:
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ﴾ فخلطوا طعامهم بطعامه وشرابهم بشرابه(٢).
... وإلى تفسير الآية بهذا المعنى الوارد في سبب النزول ذهب أبو عُبيد القاسم بن سلاَّم رحمه الله.

(١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٣/٦٣، وانظر أيضاً: البحر المحيط لأبي حيان: ٢/١٧١.
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب الوصايا، باب (مخالطة اليتيم في الطعام)، والنسائي في الوصايا، باب (ما للوصي من مال اليتيم إذا قام عليه)، وأخرجه أحمد في المسند: ١/٣٢٥. قال أحمد شاكر - رحمه الله -: إسناده صحيح.


الصفحة التالية
Icon