... وهذا القول - وهو أن المراد بالمخالطة المخالطة في النفقة من طعام وشراب وكسوة - هو المروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقتادة، والربيع بن أنس(١).
... وبه قال الطبري، والماوردي، والبغوي، وابن كثير(٢).
... ورجحه أبو حيان(٣) بقوله - بعد ذكر الأقوال الأخرى -: (فحمله على هذا الخلط أقرب) (٤).
... وذكر بعض المفسرين أن المراد بالمخالطة المخالطة في التجارة بأن يجعل ماله مع مال اليتيم في شركة(٥).
... وقد استبعد أبو حيان هذا القول؛ لأن الشركة داخلة في قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ﴾ (٦).
... وذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بالمخالطة في الآية المخالطة بالنكاح، يقول الزمخشري: (وقد حملت المخالطة على المصاهرة) (٧).
النتيجة:
... الأولى - والله أعلم - حمل الآية على العموم، وعدم قصر المخالطة على نوع معين من أنواع المخالطات؛ لأن المصير إلى الجمع بين الأقوال أولى - إذا أمكن - من الاقتصار على أحدها أو بعضها دون الباقي، وأما ما ورد في سبب نزولها فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، غير أن من نزلت فيه الآية يدخل دخولاً أولياً في معناها.

(١) انظر: جامع البيان للطبري: ٢/٣٨٢، ٣٨٣، والدر المنثور للسيوطي: ٢/٥٦٠.
(٢) انظر: جامع البيان للطبري: ٢/٣٨٤، والنكت والعيون للماوردي: ١/٢٨٠، ومعالم التنزيل للبغوي: ١/٢٥٤، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير: ١/٥٨٢.
(٣) هو: محمد بن يوسف بن علي الأندلسي الغرناطي، أبو حيّان، الإمام، المفسر، المقرئ، الأديب، نحوي عصره، له اليد الطولى في التفسير والحديث وتراجم الناس ومعرفة طبقاتهم، توفي سنة (٧٤٥هـ).
... انظر ترجمته: شذرات الذهب لابن العماد: ٦/١٤٥. وطبقات المفسرين للداودي: ١/٢٧٨.
(٤) البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي: ٢/١٧١.
(٥) ممن ذكره من المفسرين: الشوكاني في فتح القدير: ١/٣٩٠.
(٦) انظر: البحر المحيط لأبي حيان: ٢/١٧١.
(٧) الكشاف للزمخشري: ١/٤٣١.


الصفحة التالية
Icon