وكان أصحاب أنس رضي الله عنه وتلاميذه يعرفون له مكانته، فعن ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه قال: صحبت جريراً فكان يخدمني وكان أكبر من أنس، وقال جرير: إني رأيت الأنصار يصنعون برسول الله - ﷺ - شيئاً لا أرى أحدا ًمنهم إلا أكرمته(١). وعن ثابت قال: كنت إذا أتيت أنساً يخبر بمكاني فأدخل عليه فآخذ بيديه فأقبلها وأقول بأبي هاتين اليدين اللتين مستا رسول الله - ﷺ - وأقبل عينيه وأقول بأبي هاتين العينين اللتين رأتا رسول الله - ﷺ - (٢).
وكان أنس رضي الله عنه يطيب يده؛ لأن ثابت كان لا يرضى حتى يقبل يده يقول: يد مست يد رسول الله - ﷺ - (٣).
المطلب الثالث: مكانته - رضي الله عنه - في التفسير:
ذكرت فيما سبق أن أنس بن مالك رضي الله عنه صحب رسول الله - ﷺ - فخدمه دهراً ولازمه صبحاً وليلاً، وأقام عنده حقباً، وتلقى عنه علماً جماً، كيف لا وهوالذي يصف حال المدينة عند مقدم رسول الله - ﷺ - وبعد وفاته قائلاً: ( ما رأيت يوماً قط أنور ولا أحسن من يوم أحل فيه رسول الله - ﷺ - وأبوبكر المدينة، وشهدت وفاته فما رأيت يوماً قط أظلم ولا أقبح من اليوم الذي توفي رسول الله × فيه) (٤).

(١) أخرجه البخاري/ كتاب الجهاد والسير/ باب فضل الخدمة في الغزو٣/١٠٥٨حديث (٢٧٣١)، ومسلم/ كتاب فضائل الصحابة/ باب في حسن صحبة الأنصار رضي الله عنهم٤/١٩٥١حديث (٢٥١٣).
(٢) أخرجه أبويعلى٦/٢١١حديث (٣٤٩١)، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أبويعلى ورجاله رجال عبد الله ابن أبي بكر المقدمي وهوثقة. ٩/٣٢٥.
(٣) تهذيب الكمال٣/٣٦٦.
(٤) أخرجه أحمد٣/١٢٢حديث (١٢٢٥٦)، ٣/٦٢٣حديث (٢٢٥٦)، وأبويعلى ٦/٢٠٤حديث (٣٤٨٦).


الصفحة التالية
Icon