ولم يقتصر أنس على السنة التي تلقاها مباشرة من النبي - ﷺ - بل كان يروي عن كثير من الصحابة، وقد حمله حبه للسنة على الرحلة في طلبها فإذا ما سمع حديثاً من تابعي ولم يكن حافظاً لهذا الحديث بادر مسافراً إلى الصحابي الذي يرويه عن النبي × ليتلقاه عنه مباشرة(١)، يدل على ذلك ما رواه أبوبكر بن أنس قال: قدم أبي من الشام وافداً وأنا معه فلقينا محمود بن الربيع فحدث ابن الربيع أبي حديثاً عن عتبان بن مالك(٢) قال أبي: أي بني احفظ هذا الحديث فإنه من كنوز الحديث فلما قفلنا انصرفنا إلى المدينة فسألنا عنه فإذا هوحي وإذا شيخ أعمى قال أنس: ما حديث بلغني عنك قال: كان في بصري بعض الشيء فبعثت إلى رسول الله - ﷺ - فقلت إني أحب أن تجيء إلى منزلي تصلي فيه فأتخذه مصلى، قال: فأقبل رسول الله - ﷺ - ومن شاء من أصحابه قال: فصلى رسول الله × في منزله وأصحابه يتحدثون ويذكرون المنافقين وما يلقون منهم ويسندون عِظم ذلك إلى مالك بن الدخشم، وودوا أن لودعا عليه رسول الله × وأصاب شراً. فقال رسول الله - ﷺ - : أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله قالوا: يا رسول الله إنه ليقول ذلك وما هوفي قلبه.
(٢) أخرجه النسائي في الكبرى/ كتاب الإمامة والجماعة/ باب الجماعة للنافلة من الصلاة١/٢٩٦حديث (٩١٨)، كتاب صفة الصلاة/ باب تسليم المأموم حين يسلم الإمام ١/٣٩٥حديث (١٢٥٠)، كتاب عمل اليوم والليلة/ باب ما يقول عند الموت ٦/٢٧٣حديث (١٠٩٤٧)، وأحمد٤/٤٤حديث (١٦٥٢٩)، (١٦٥٣٠)، ٥/٤٤٩حديث (٢٣٨٢١)، والطبراني في الكبير١٨/٢٩حديث (٤٧)، وابن حبان١٠/٣٩٧حديث (٤٥٣٤)، والبيهقي٣/٩٦حديث (٤٩٣٨)، والشيباني في الآحاد والمثاني٣/٤٧٢حديث (١٩٣٣).