والعلم بأسباب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا(١)، قال محمد بن سيرين: سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: اتق الله وقل سداداً ذهب الذين يعلمون فيما أنزل الله من القرآن. وهويعني الصحابة(٢).
وقد تنازع العلماء في قول الصحابي( نزلت هذه الآية في كذا) هل يجري مجرى المسند كما لوذكر السبب الذي أنزلت لأجله، أويجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند؟
فالبخاري يدخله في المسند وغيره لا يدخله فيه، وأكثر المسانيد على هذا الاصطلاح كمسند أحمد وغيره، بخلاف ما إذا ذكر سبباً نزلت عقبه فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند(٣).
قال الزركشي:( قد عُرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال (نزلت هذه الآية في كذا) فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم، لا أن هذا كان السبب في نزولها، فهومن جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع) (٤).
وقد كان لأنس بن مالك - رضي الله عنه - في ذلك نصيب كبير، فهومن لازم رسول الله - ﷺ - وخدمه وشاهد التنزيل.
ومن أمثلة ما روي عنه في ذلك: ما رواه حميد، عن أنس، قال النبي - ﷺ - يوم أحد وقد كسرت رباعيته وشج رأسه، فجعل يمسح عن وجهه الدم، ويقول: كيف يفلح قوم خَضَبُوا نبيهم بالدم وهويدعوهم إلى ربهم؟ فأنزلت (}

ّٹs٩ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ ينَسx")(٥)(٦).

وما رواه ثابت عن أنس - رضي الله عنه - قال: نزلت هذه الآية('إ"ّƒéBur فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ دmƒد‰ِ٧مB)(٧) في زينب بنت جحش(٨).

(١) البرهان في علوم القرآن١/٢٢.
(٢) مباحث في علوم القرآن٧٦-٧٧.
(٣) فتاوى ابن تيمية١٣/٣٤٠، والإتقان١/٩٠.
(٤) البرهان في علوم القرآن١/٣١.
(٥) سورة آل عمران، الآية: ١٢٨.
(٦) انظر الأثر رقم(٣١)، (٣٢)، (٣٣)، (٣٤)، (٣٥)، (٣٦)، (٣٧)، (٣٨).
(٧) سورة الأحزاب، الآية: ٣٧.
(٨) انظر الأثر رقم(١٢٦).


الصفحة التالية
Icon