المبحث الثامن : منهجه في علوم القرآن.
المبحث التاسع : منهجه في تفسير آيات الأحكام.
المبحث العاشر : منهجه في النقل من المصادر التفسيرية، ومناقشته للأقوال المنقولة منها.
المبحث الحادي عشر : موقفه من تفسير البخاري في الصحيح.
الفصل الثاني : منهج ابن بطال في التفسير(١)، وفيه أحد عشر مبحثاً.
المبحث الأول : منهجه في تفسير القرآن بالقرآن.
تفسير القرآن بالقرآن علامة على قوة المفسِّر، وعمق علمه بالتفسير، وقد بين علماء التفسير أن أصح طرق التفسير تفسير القرآن بالقرآن، فما أُجْمِل في موضع فإنه قد فُسِّر في موضع آخر، وما اختُصِر في موضع فقد بُسط في موضع آخر(٢)، ومن تدبر القرآن وجد بعضه يفسِّر بعضاً(٣).
وقد فسَّر ابن بطال - رحمه الله - القرآن بالقرآن، لكن مع قلة في ذلك؛ والسبب في ذلك أنه لم يُفسِّر القرآن كاملاً حتى تتضح معالم هذا المنهج كاملة عنده، وإنما فسَّر بعض الآيات فقط، ويمكن أن نوضح منهجه في ذلك من خلال النواحي التالية:
أولاً : إيراده لآية مخصصة لعموم آية أخرى، مبينة معناها، ومن الأمثلة على ذلك:
(٢) انظر: فتاوى ابن تيمية (١٢/٣٦٣).
(٣) انظر: فتاوى ابن تيمية (١٦/٥٢٢).
ومن كان سؤاله عند الضرورة والنادر فليس بملحف في المسألة، واسم التعفف أولى به، لدليل حديث عطاء بن يسار( )" ا. هـ (٣/٥١٥-٥١٦)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
اختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: ؟ ؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟•؟•؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ على قولين:
القول الأول : إنهم يسألون ولكن لا يُلحِفون في المسألة( ).
القول الثاني : إنهم لا يسألون البتة، وممن قال بذلك: الطبري( )، والزجاج( )، وهو قول جمهور المفسرين( ).
والذي يظهر من اختيار ابن بطال هنا أنه أراد التوسط بين القولين، حيث إن من كان محتاجاً واضطر للسؤال أو كان سؤاله نادراً؛ فإنه لا يُعتبَر مُلحِفاً، بل هو ممن يليق به اسم
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعفف، لكن هذا ليس له دليل يقاوم أدلة القول الثاني، وغاية ما استدل به مفهوم المخالفة من حديث عطاء بن يسار المتقدم ويُرَد عليه بمنطوق حديث أبي هريرة –سيأتي ذكره- وعند التعارض يُقدَّم المنطوق على المفهوم.
وعلى هذا فالراجح في هذه المسألة هو القول الثاني – وهو عدم السؤال البتة - لما يلي:
أولاً : حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه... "ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يُفطَن له فيُتصدَق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس"( ) فهو نص في عدم السؤال مطلقاً.
ثانياً : أن التعفف صفة ثابتة لهم لا تفارقهم، ومجرد السؤال ينافيها( ).
ثالثاً : كون الجاهل بهم يحسبهم أغنياء لا يكون ذلك؛ إلا مع عدم السؤال البتة( ).
وبهذا يتضح قوة هذا القول ورجحانه. والله أعلم.
سورة آل عمران
؟ ؟ ؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟•؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ (آل عمران: ٢٨).
قال ابن جرير: "والصواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كل ما كان من الحديث ملهياً عن سبيل الله، مما نهى الله عن استماعه أو رسوله؛ لأن الله عم بقوله: ﴿ لَهْوَ الْحَدِيثِ ﴾ ولم يُخصِّص بعضاً دون بعض، فذلك على عمومه، حتى يأتي ما يدل على خصوصه، والغناء، والشرك من ذلك" ا. هـ(١)، واختار هذا القول بعض المفسرين(٢).
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المسألة الثانية : جواز يسير اللهو والغناء(٣) في الأعياد والأفراح، وأن ذلك ليس داخلاً في الُمحرَّم، واستدل على ذلك بأدلة من السنة تقدم ذكرها مما يغني عن إعادتها هنا، ومن أهم الأدلة مفهوم المخالفة من الآية، فالمحرَّم ما أضل عن سبيل الله، وأما ما كان يسيراً لا يُضِل فهو مباح، وهذا استنباط جيد، يعضده الأدلة التي ذكرها من السنة، وقد أشار إليه بعض المفسرين(٤).
(٢) انظر: التسهيل لعلوم التنزيل (٢/١٣٧)، وتيسير الكريم الرحمن (٥٩٥).
(٣) الغناء في لغة العرب يُطلَق على رفع الصوت بالشعر أو ما قاربه من الرجز على نحو مخصوص، وهو يجري مجرى الحداء، ويسمونه النصب، وعليه فإن الغناء بهذه الحالة على ضربين: الأول: ما كان خالياً من الفسق والفجور، ويستخدمه الناس عند العمل ليسلون به أنفسهم، وكذلك يُستخدَم في الأعراس والأعياد فهذا جائز بدون خلاف - وهذا هو الذي عناه ابن بطال هنا بدلالة الأحاديث التي أوردها- وأما الضرب الثاني من الغناء: فهو الذي يحتوي على الغزل المحرَّم ونحوه من المجون، فهذا فيه الخلاف المعروف، والصحيح تحريمه، وهذا لم يعنه ابن بطال هنا. والله أعلم. انظر: كشف القناع عن حكم الوجد والسماع، بتصرف (٤٧-٤٨).
(٤) انظر: إبطال دعوى الإجماع للشوكاني (٤٧و٥٣).