ثامناً: استدلاله بالحديث على صحة معنى تدل عليه الآية، ومن الأمثلة على ذلك:
قول ابن بطال - رحمه الله -: "الحلوى والعسل من جملة الطيبات المباحة في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا (#qمBحhچutéB طَيِّبَاتِ مَا ¨@xmr& اللَّهُ لَكُمْ ﴾ (المائدة: ٨٧) وقوله تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ tPچxm spsYƒخ- اللَّهِ الَّتِي yluچ÷zr& ¾دnدٹ$t٧دèد٩ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ ة-ّ-حhچ٩$# ﴾ على قول من ذهب إلى أن الطيبات من الرزق في الآية: المُستلَذ من الطعام، ودل حديث عائشة - رضي الله عنها - على صحة هذا التأويل لمحبة رسول الله - ﷺ - الحلوى والعسل.." ا. هـ(١)
وقوله أيضاً - رحمه الله -: "قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ﴾ ويشهد لصحة هذا(٢) قصة ذي اليدين، ويبين أن معنى النهي عن التنابز بالألقاب في الآية أن يراد به عيب الرجل وتنقصه" ا. هـ(٣)
تاسعاً: طريقة إيراده للأحاديث يمكن تلخيص منهجه فيها كما يلي:
١- إيراده لموضع الشاهد من الحديث فقط، دون باقي لفظ الحديث، وهذا كثير الاستعمال عنده، ومن الأمثلة على ذلك:
قوله - رحمه الله -: "قوله عليه السلام: "الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه" تفسير لقوله تعالى: ﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا ﴾ يريد المصلين، والمنتظرين للصلاة، ويدخل في ذلك من أشبههم في المعنى، ممن حبس نفسه على أفعال البِرِّ كلها. والله أعلم" ا. هـ(٤)
٢ - ذِكْره للحديث بالمعنى، ومن الأمثلة على ذلك:
(٢) المراد أن اللقب إذا كان فيه نوع من التنقص، فإنه لا يُعد من الذم إذا قيل على وجه التمييز ولا يكون من الغيبة، وأما إذا قيل على وجه الذم والعيب للمقول فيه وهو له كاره، فهذا هو المنهي عنه، وهو من الغيبة إذا قاله في غيبته.
(٣) انظر: الموضع رقم (١٢٥).
(٤) انظر: الموضع رقم (١١٩)، وانظر كذلك المواضع التالية: (١٤٢)، (١١١).
٢٦/٣ قال ابن بطال -رحمه الله-: "وأمّا قول الفراء من قرأ (؟؟؟؟؟؟؟؟؟) فالمراد بها كبير الإثم وهو الشرك( ). فهذا خلاف ما ثبت في الآثار، وذلك أن في حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - أن النبي - ﷺ – قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر فذكر الشرك وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس وقال: ألا وقول الزور، فما زال يقولها حتى قلت: ليته سكت"( )، وفي حديث ابن مسعود - رضي الله عنه- "قلت: يا رسول الله، أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، وأن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك، وأن تزاني بحليلة جارك"( ) فجعل - عليه السلام - في حديث أبي بكرة قول الزور، وعقوق الوالدين، من أكبر الكبائر، وجعل في حديث ابن مسعود أن يقتل ولده خشية أن يأكل معه، والزنا بحليلة جاره من أعظم الذنوب، فهذا يرد تأويل الفراء: أن كبائر يراد بها كبير وهو الشرك خاصة ولو عُكِس قول الفراء فقيل له: من قرأ (كبير الإثم) فالمراد به كبائر، كان أولى في التأويل، بدليل هذه الآثار الصحاح، وبالمتعارف المشهور في كلام العرب، وذلك أنه يأتي لفظ الواحد يراد به الجمع كقوله تعالى:
؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟ (غافر: ٦٧) وقوله تعالى: ؟ ؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (البقرة: ٢٨٥). والتفريق لا يكون إلا بين اثنين فصاعداً، والعرب تقول: فلان كثير الدينار والدرهم، يريدون الدنانير، والدراهم" ا. هـ (٩/١٩٩، ٢٠٠).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :.......................................................................
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أشار ابن بطال هنا إلى مسائل:
المسألة الأولى: القراءات الواردة في قوله تعالى (؟؟؟؟؟؟؟؟؟) وهي على النحو التالي:
١-... القراءة الأولى(؟؟؟؟؟؟؟؟؟) وهذه قراءة الجمهور( ).
ذهب ابن بطال إلى ما ذهب إليه المفسرون، أن نفي السماع في قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾ ليس المقصود به نفي مطلق السماع، وأن الموتى يسمعون في قبورهم؛ وذلك لأن سماع الموتى قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثبوتاً لا مطعن فيه(١).
قال ابن جرير: "فإن ظن ظان أن قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾ لما كان عامَّاً ظاهره في كل من في القبور، وفي جميع الموتى من غير تخصيص بعض منهم، وجب أن يكون قول القائل لا يجوز أن يسمعوا في حال ما هم في البرزخ شيئاً من كلام الأحياء أولى بالصحة، من قول القائلين بإجازة ذلك في بعض الأحوال، فقد ظن غير الصواب؛ وذلك أن الله - جل ثناؤه - جعل بيان ما أُنزِل إلينا من كتابه إلى رسوله - صلى الله عليه
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسلم-، وقد بين لنا -عليه الصلاة والسلام- بقوله إذ ذكر حال المؤمن والكافر في قبورهما حين يُسألان عن دينهما أنهما يسمعان نعال متبعي جنائزهما إذا ولوا عنهما مدبرين، فكان معلوماً بذلك أن قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾ معني به إسماع بعض الأشياء دون جميعها، دليلاً على أن قول من قال: قد يسمعون بعض الأشياء، وفي بعض الأحوال، أولى بالصحة من قول من خالف ذلك" ا. هـ(٢)، وقد أشار إلى هذا المعنى غير واحد من أهل العلم(٣).
قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَهُمْ tbqنzحچsـَءtƒ فِيهَا رَبَّنَا $sYô_حچ÷zr& نَعْمَلْ $·sد="|¹ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ uچھ.x‹s؟ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا tûüدJد="©à=د٩ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ (فاطر: ٣٧).
(٢) انظر: تهذيب الآثار (١/٢٦١-٢٦٢).
(٣) انظر: فتاوى ابن تيمية (٤/٢٩٨-٢٩٩)، والروح (١٧).