واحتج بأنه لا يجوز أن يقال: للنطفة والتراب أنها ميت، وإنما يقال: ميت لمن تقدمت له الحياة، وهذا اعتراض فاسد، قال الله تعالى: ﴿ وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا ﴾ (يس: ٣٣). ولم يتقدم لها حياة قط، وإنما جعلها الله جماداً ومواتاً، وهذا من سعة كلام العرب، والقول الأول هو الذي عليه العلماء" ا. هـ(١)
خامساً: توجيه بعض الأقوال والبحث عن مخارج صحيحة لها، ومن الأمثلة على ذلك:
قول ابن بطال - رحمه الله -: "رُوي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وابن عباس - رضي الله عنهما -، وأبي هريرة - رضي الله عنه - في قوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ uچھ.x‹s؟ ﴾ قالوا يعني: ستين سنة، ورُوي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أيضاً: أربعون سنة، وعن الحسن ومسروق مثله، وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - حجة لقول علي ومن وافقه في تأويل الآية.
وقول من قال: أربعون سنة، له وجه صحيح أيضاً، والحجة له قوله تعالى: ﴿ #س®Lxm إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ﴾ (الأحقاف: ١٥)، فذكر تعالى أن من بلغ الأربعين، فقد آن له أن يعلم مقدار نِعَم الله عليه وعلى والديه ويشكرهما" ا. هـ(٢)
وقوله أيضاً - رحمه الله -: "اختلف السلف في تأويل قوله تعالى: ﴿ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ﴾ فرُوي عن علي ابن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه: محمدٌ - ﷺ -، وهو قول ابن زيد وجماعة، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه: الشيب.
وحجة القول الأول أن الله تعالى بعث الرسل مبشرين ومنذرين إلى عباده قطعاً لحجتهم، وقال تعالى: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ ٤س®Lxm نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ (الإسراء: ١٥).
(٢) انظر: الموضع رقم (١١٢).
وقال ابن كثير: "فالتيمم في اللغة هو: القصد، تقول العرب: تيممك الله بحفظه، أي: قصدك" ا. هـ( )، وكذا قال غيرهم من أهل التفسير( ).
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الأزهري( ) في معنى التيمم: ".. أي: توخيته وقصدته، والتيمم بالصعيد مأخوذ من هذا". اهـ( )، وكذا قال غيره من أهل اللغة( ).
المسألة الثانية: معنى قوله تعالى: ؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ أي: طاهراً. وقد اختلف المفسرون في معنى الطيِّب في هذه الآية على قولين:
القول الأول: إن معناه الطاهر النظيف، وهذا ما اختاره ابن بطال هنا وهو قول أكثر المفسرين( ).
قال ابن جرير: "وأما قوله: ؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ فإنه يعني به: طاهراً من الأقذار والنجاسات" ا. هـ( )
القول الثاني: إن معناه حلالاً، وممن قال بذلك: سفيان الثوري( ).
والقول الأول هو الأرجح؛ لأنه الأنسب بمقام الطهارة( ). وأما القول الثاني فإنه غير مناسب لهذا الباب إذ ليس كل حلال طاهر. قال ابن عطية، والقرطبي بعد ذكرهما للقول الثاني: ".. هذا في هذا الموضع قلق" ا. هـ( ) وهو كما قالا للتعليل السابق. والله أعلم.
؟ ؟ •؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟•؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ (النساء: ٤٨).
٣٠/٧ قال ابن بطال -رحمه الله-: "قوله تعالى: ؟ •؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟•؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ المراد بهذه الآية: من مات على الذنوب، ولو كان المراد: من تاب قبل الموت لم يكن للتفرقة بين الشرك وغيره معنى؛ إذ التائب من الشرك قبل الموت مغفور له" ا. هـ (١/٨٦)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
فهو رجز موزون، وقد يقع على لسانه - ﷺ - مقدار البيت من الرجز، كقوله: (( أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب))(١) فلو كان شِعْراً لكان خلاف قوله تعالى: ﴿ وَمَا çm"sYôJ¯=tو uچ÷èدe±٩$# وَمَا يَنْبَغِي
ے¼م&s! ﴾ والله يتعالى أن يقع شيء من خبره أو يوجد على خلاف ما أخبر به تعالى، وهذا من الحجاج اللازمة لأهل الإسلام خاصة، ويقال للملحدين: إن ما وقع من كلامه من الموزون في النادر من غير قصد فليس بشعر؛ لأن ذلك غير ممتنع على أحد من العامة والباعة أن يقع له كلام موزون فلا يكن بذلك شِعْراً.." ا. هـ. (٥/١٩).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
ذهب ابن بطال إلى ما ذهب إليه أهل التفسير، أن ما وقع على لسان الرسول - ﷺ -، من موزون الكلام لا يُعَدُ شِعْراً، وعليه فليس فيه معارضة لقوله تعالى:
﴿ وَمَا çm"sYôJ¯=tو uچ÷èدe±٩$# وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ﴾، قال ابن العربي: ".. وقد أجاب علماؤنا بأن ما يجري على اللسان من موزون الكلام لا يُعَدُ شِعْراً، وإنما يُعَدُ منه ما يجري على وزن الشعر، ومع القصد إليه.." ا. هـ.(٢)
وقال ابن عطية، في تفسيره لهذه الآية، وذكره لهذه الكلمات التي وردت عن النبي - ﷺ -: "وليس ذلك بشِعْر، ولا في معناه" ا. هـ.(٣)
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد قال بهذا القول غير واحد من المفسرين(٤).
(٢) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (٤/٢٧).
(٣) انظر: المحرر الوجيز (١٥٦٩).
(٤) انظر: الكشاف (٨٩٩)، والجامع لأحكام القرآن (١٥/٤٩)، والتفسير الكبير (٢٦/٩٢)، ولباب التأويل
٤/١٢)، والتسهيل لعلوم التنزيل (٢/١٨٦)، وفتح القدير للشوكاني (٤/٤٧٤).