ولقول ابن عباس أن النذير: الشيب وجه يصح، وذلك أن الشيب يأتي في سن الاكتهال، وعلامة على مفارقة سن الصبا الذي هو سن اللهو واللعب، فهو نذير أيضاً، فبان رفق الله بعباده المؤمنين وعظيم لطفه بهم حين أعذر إليهم ثلاث مرات: الأولى بالنبي - ﷺ -، والمرتان في الأربعين، وفي الستين؛ ليُتِم حجته عليهم" ا. هـ(١)
سادساًً : الترجيح بين أقوالهم، والأخذ بالراجح، ومن الأمثلة على ذلك:
قول ابن بطال - رحمه الله -: "قال كثير من أهل التأويل في قوله تعالى: ﴿ مَنْ يَعْمَلْ #[نûqك™ u"ّgن† بِهِ ﴾ معناه: أن المسلم يُجزَى بمصائب الدنيا فتكون له كفارة، رُوي هذا عن أُبي بن كعب، وعائشة - رضي الله عنهما - ومجاهد. ورُوي عن الحسن، وابن زيد أنه في الكفار خاصة.
وحديث عائشة، وأبي سعيد، وأبي هريرة - رضي الله عنهم - يشهد بصحة القول الأول" ا. هـ(٢)
وقوله أيضاً - رحمه الله -: "اختلف أهل التأويل فيما عادت عليه الهاء التي في قوله تعالى: ﴿ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ﴾ فقال بعضهم: عادت على القرآن وهو قول: مجاهد.
وقال آخرون: يراد به العسل؛ رُوي ذلك عن ابن مسعود، وابن عباس - رضي الله عنهما - وهو قول الحسن، وقتادة، وهذا القول أولى بدليل حديث جابر، و أبي سعيد" ا. هـ(٣)
سابعاً: عدم ذكره للمصادر التي ينقل منها أقوال الصحابة والتابعين، وهذا ظاهر في الأقوال المنقولة الآنفة الذكر.
المبحث الرابع : منهجه في تفسير القرآن بأقوال أهل اللغة.
(٢) انظر: الموضع رقم (٣٤).
(٣) انظر: الموضع رقم (٨١).
أراد ابن بطال الرد على المعتزلة( ) القائلين بأن المذنبين من المؤمنين يخلَّدون في النار بذنوبهم حيث إنهم استدلوا بهذه الآية على مذهبهم الباطل وقالوا إن معنى قوله تعالى: ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هو التائب من الذنب لا من مات وعليه ذنب( ).
ولا شك أن استدلالهم بهذه الآية باطل، قال ابن عطية: "ورامت المعتزلة أن ترد هذه الآية إلى قولها، بأن قالوا ؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ هو: التائب، وما أرادوه فاسد؛ لأن فائدة التقسيم في الآية كانت تبطل، إذ التائب من الشرك يُغفر له" ا. هـ( )
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فهذه الآية واضحة الدلالة على أن من كان ذنبه دون الشرك ومات عليه فهو تحت المشيئة. قال ابن جرير: "وقد أبانت هذه الآية أن كل صاحب كبيرة ففي مشيئة الله، إن شاء الله عفا عنه، وإن شاء الله عاقبه عليه، ما لم تكن كبيرته شركاً بالله" ا. هـ( )
وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة كما نص عليه غير واحد من العلماء( ).
قال الطحاوي( ): "وأهل الكبائر من أمة محمد - ﷺ - في النار لا يخلدون، إذا ماتوا وهم موحدون، وإن لم يكونوا تائبين.." ا. هـ( )
؟ ؟ ؟•؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ (النساء: ٨٥).
وهناك من أهل التفسير من رأى أنَّ هذا شعرٌ(١)، ولكنه ليس بمعارض لقوله تعالى:
﴿ وَمَا çm"sYôJ¯=tو uچ÷èدe±٩$# ﴾، ويكون معنى الآية: أي ما علمناه أن يشعر، أي ما جعلناه شاعراً، وهذا لا يمنع أن يقول البيت من الشعر، والتمثل بالبيت النزر، وإصابة القافيتين من الرَجَز، وغيره لا يوجب أن يكون قائلها عالماً بالشعر، ولا يُسمَّى شاعراً باتفاق العلماء(٢).
وعلى كلا القولين يكون معنى الآية ثابت وهو: أن النبي - ﷺ - ليس بشاعر، وما جرى على لسانه من الكلام الموزون فهو: إما أنه لا يُعدُ شعراً في الأصل، أو أن قائله لا يُسمَّى شاعراً، وكلا المعنيين لا معارضة فيهما لمعنى هذه الآية. والله أعلم.
سورة الصافات
d ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ دo¨"دèّ٩$# $Hxه يَصِفُونَ ﴾ (الصافات: ١٨٠).
١١٦/١ قال ابن بطال - رحمه الله -: "والعزة الكلام عليها من وجهين:
أحدهما: أن تكون صفة ذات بمعنى القدرة والعظمة(٣).
(٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن (١٥/٥٠).
(٣) العزة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: عزة القدر، وعزة القهر، وعزة الامتناع، هذه معاني العزة التي أثبتها الله لنفسه، وهي تدل على كمال قهره وسلطانه، وعلى كمال صفاته، وعلى تمام تنزهه من النقص - سبحانه وتعالى -. انظر: شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين (١/٣٤٦).