وأما قول من قال: علا، فهو صحيح وهو مذهب أهل السنة والحق.
فإن قيل: ما ألزمته في ارتفع مثله يلزم في علا، قيل: الفرق بينهما أن الله وصف نفسه بالعلو بقوله تعالى: ﴿ ¼çmsY"ysِ٧ك™ وَتَعَالَى $­Hxه يُشْرِكُونَ ﴾ (الروم: ٤٠) فوصف نفسه بالتعالي، والتعالي من صفات الذات، ولم يصف نفسه بالارتفاع" ا. هـ(١)
رابعاً : الرد على كثير من الفِرَق التي خالفت منهج أهل السنة والجماعة، من خلال إيراده لتأويلاتهم في بعض الآيات، ثم الرد عليهم، ومن الأمثلة على ذلك:
قول ابن بطال - رحمه الله -: "قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ y٧د٩¨sŒ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ المراد بهذه الآية: من مات على الذنوب، ولو كان المراد: من تاب قبل الموت لم يكن للتفرقة بين الشرك وغيره معنى؛ إذ التائب من الشرك قبل الموت مغفور له" ا. هـ(٢)

(١) انظر: الموضع رقم (٦٧)، وانظر كذلك المواضع التالية: (١٠٠)، و(١٠٧) و(١٤٧).
(٢) انظر: الموضع رقم (٣٠). وقد أراد به الرد على المعتزلة كما بيناه في موضع الدراسة.

٣٦/١ قال ابن بطال -رحمه الله-: "قوله تعالى: ؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ حجة في زيادة الإيمان ونقصانه؛ لأن هذه الآية نزلت يوم عرفة في حجة الوداع( ) يوم كملت الفرائض والسنن، واستقر أمر الدين، وأراد الله قبض نبيه، فدلت هذه الآية أن كمال الدين إنما حصل بتمام الشريعة، فمن حافظ على التزامها فإيمانه أكمل من إيمان من قصَّر في ذلك وضيَّع" ا. هـ (١/١٠٢).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
أشار ابن بطال -رحمه الله- هنا إلى مسألتين:
المسألة الأولى: معنى إكمال الدين في قوله تعالى: ؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟، ومعنى الإكمال هنا فيه خلاف بين أهل العلم على أقوال:
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القول الأول: إنه إكمال فرائضه، وحدوده، ولم ينزل بعد هذه الآية تحليل ولا تحريم، وممن قال بذلك: ابن عباس -رضي الله عنهما-، والسدي( ). وهذا الذي اختاره ابن بطال كما تقدم.
القول الثاني: إن المراد بالإكمال هنا، نفي المشركين عن البيت فلم يحج معهم مشرك عامئذ، وممن قال بذلك: قتادة، وسعيد بن جبير( ).
القول الثالث: إن المراد بالإكمال هنا رفع النسخ عنه، وأما الفرائض فلم تزل تنزل عليه حتى قُبِض -صلى الله عليه وسلم-، وممن قال بذلك: ابن جبير أيضاً( ).
القول الرابع: إن المراد بالإكمال هنا، زوال الخوف من العدو والظهور عليه، قال الزجاج: "أكملت لكم دينكم بأن كفيتكم خوف عدوكم وأظهرتكم عليه.." ا. هـ.( )
القول الخامس: إن المراد بالإكمال هنا، إكمال معظم الفرائض والتحليل والتحريم، وقد نزل بعد ذلك قرآن مثل آية الربا وآية الكلالة وغير ذلك. وهذا هو قول الجمهور( ).
١٢١/١ قال ابن بطال - رحمه الله -: "خرج الأمر على معنى الوعيد والتهديد، كما قال تعالى: ﴿ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ﴾ ولم يطلقهم على الكفر وفعل المعاصي، بل توعدهم بهذا اللفظ؛ لأنه قد بين لهم ما يأتون وما يتركون.. ولم يقل أحد في تأويل الآية المذكورة غيره" ا. هـ............................ (٩/٢٩٩).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
ذهب ابن بطال إلى ما ذهب إليه أهل التفسير، أن معنى الأمر في قوله تعالى: ﴿ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ﴾ التهديد والوعيد، وممن قال بذلك: مجاهد(١).
قال ابن جرير: "وقوله تعالى: ﴿ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ﴾ وهذا أيضاً وعيد لهم من الله، خرج مخرج الأمر" ا. هـ(٢)، وقال بهذا القول أهل التفسير(٣).
سورة الزخرف
d ﴿ وَتِلْكَ èp¨Ypgù:$# الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ (الزخرف: ٧٢).
(١) رواه عنه ابن جرير في جامع البيان (١١/١١٦)، وانظر: الدر المنثور (٧/٢٨٥)، وقد جاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال في معنى هذه الآية: هذا لأهل بدر خاصة، انظر: الدر المنثور (٧/٢٨٥)، وهذا إن صح عن ابن عباس فإنه محمول على أنه قال ذلك في الآية لا تفسيراً، وإنما لبيان أن العبارة قد قيلت أيضاً لأهل بدر؛ وإنما قلنا ذلك لإجماع المفسرين على تفسير الأمر هنا بأنه للتهديد والوعيد. والله أعلم.
انظر: الإجماع في التفسير للخضيري (٣٨٧).
(٢) انظر: جامع البيان (١١/١١٦).
(٣) انظر: معاني القرآن للزجاج (٤/٣٨٨)، ومعالم التنزيل (٤/١٠٣)، والمحرر الوجيز (١٦٥٦)، والجامع لأحكام القرآن (١٥/٣١٩)، وفتح القدير للشوكاني (٤/٦٤٨).


الصفحة التالية
Icon