وقول ابن بطال -رحمه الله-: "وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن ذا السويقتين يخرِّب الكعبة، فهو مبين لقوله تعالى عن إبراهيم - عليه السلام-: ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا ﴾ أن معناه: الخصوص، وأن الله جعلها حرماً آمناً غير وقت تخريب ذي السويقتين لها؛ لأن ذلك لا يكون إلا باستباحته حرمتها، وتغلبه عليها، ثم تعود حرمتها ويعود الحج إليها.. وعلى هذا التأويل لا تتضاد الآثار ولا معنى الآية" ا. هـ(١)
وقوله أيضاً -رحمه الله-: "هذه الآية محكمة في وجوب قطع السارق، ومجملة في مقدار ما يجب فيه القطع، فلو تركنا مع ظاهره لوجب القطع في قليل الأشياء وكثير ها، ولكن بين لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- مقدار ما يجب فيه القطع بقوله- صلى الله عليه وسلم-: ((يُقطَع الكف في ربع دينار فصاعداً)) ففهمنا بهذا الحديث أن الله إنما أراد بقوله:
﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ (#ûqمèsـّ%$$sù أَيْدِيَهُمَا ﴾ بعض السُرَّاق دون بعض فلا يجوز قطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً، أو فيما قيمته ربع دينار.." ا. هـ(٢)
رابعاً : هناك إشارات قليلة إلى بعض علوم القرآن، مثل أسباب النزول(٣)، وموهم التعارض(٤)، وكليات القرآن(٥)، والناسخ والمنسوخ(٦)، ولكن لقلتها لا يمكن استخراج منهج واضح له فيها. والله أعلم.
المبحث التاسع : منهجه في تفسير آيات الأحكام.
(٢) انظر: الموضع رقم (٤٠)، وانظر كذلك المواضع التالية: (٦١)، و(١٤٩).
(٣) انظر: الموضع رقم (٣٩)، و(١٠٤).
(٤) انظر: الموضع رقم (١٢٢).
(٥) انظر: الموضع رقم (٣٣).
(٦) انظر: الموضع رقم (٧٦).
ثانياً: أما ما ورد عن بعض السلف في ذلك فجوابه ما قاله ابن كثير بعد ذكره للآثار التي وردت في ذلك حيث قال: ".. فهذه آثار غريبة جداً، وهي محمولة على أن المراد بالمسح هو الغسل الخفيف، لما سنذكره من السنة الثابتة في وجوب غسل الرجلين.." ا. هـ( )
؟ ؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟•؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟•؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ ؟؟؟؟•؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟ (المائدة: ٣٣).
٣٩/٤ قال ابن بطال -رحمه الله-: "وليس قول من قال: إن الآية نزلت في المسلمين( ) مناف في المعنى لقول من قال إنها نزلت في أهل الردة والمشركين؛ لأن الآية وإن كانت نزلت في المرتدين بأعيانهم فلفظها عام يدخل في معناه كل من فعل مثل فعلهم من المحاربة، والفساد في الأرض.." ا. هـ (٨/٤١٧).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
اختلف أهل التأويل في سبب نزول هذه الآية على أقوال كما أشار إليها ابن بطال:
القول الأول: إنها نزلت في قوم من أهل الكتاب كانوا أهل موادعة لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فنقضوا العهد، وأفسدوا في الأرض فعرَّف الله نبيه الحكم فيهم، وممن قال بذلك: ابن عباس -رضي الله عنهما-، والضحاك( ).
القول الثاني: إنها نزلت في قوم من المشركين، وممن قال بذلك: عكرمة، والحسن( ).
القول الثالث: إنها نزلت في قوم من عرينة وعُكَل، ارتدوا عن الإسلام وحاربوا الله ورسوله، وهذا هو قول الجمهور من أهل العلم( )، وهو الصحيح للنصوص الصحيحة الثابتة في ذلك، ومنها حديث أنس -رضي الله عنه- في قصة العرنيين وفيه:.. فبعث النبي -صلى الله عليه وسلم في طلبهم، فأُتي بهم فقطع أيديهم، وأرجلهم، وسمل أعينهم، ولم يحسمهم
١٢٥/١ قال ابن بطال - رحمه الله -: " ويشهد لصحة هذا(١) قصة ذي اليدين(٢)، ويبين أن معنى النهي عن التنابز بالألقاب في الآية أن يراد به عيب الرجل
وتنقصه" ا. هـ. (٩/٢٤٤).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
أشار ابن بطال هنا إلى أن دعاء الرجل لآخر بلقب ظاهره الكراهة، وهو لا يريد تنقصه، ولا عيبه، فإنه غير داخل في النهي الوارد عن التنابز بالألقاب في قوله تعالى :﴿ ں wur تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ﴾، واستدل على ذلك بحديث ذي اليدين، وهذا المعنى الذي أشار إليه ابن بطال معنى صحيح، ذهب إليه بعض المفسرين(٣).
قال ابن عطية: "وليس من هذا قول المحدِّثين: سليمان الأعمش، وواصل الأحدب، ونحوه مما تدعو الضرورة إليه، وليس فيه قصد استخفاف ولا أذى.." ا. هـ.(٤)
سورة الذاريات
قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو دo
qà)ّ٩$# الْمَتِينُ ﴾
(الذاريات: ٥٨).١٢٦/١ قال ابن بطال - رحمه الله -: "تضمن هذا الباب(٥)
(٢) المراد بذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وفيه أن رجلاً كان يدعوه النبي - ﷺ - ذا اليدين | أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير، ح (٦٠٥١). |
(١٦/٢٨١)، والتسهيل لعلوم التنزيل (٢/٢٩٧)، وتيسير الكريم الرحمن (٧٤٥).
(٤) انظر: المحرر الوجيز (١٧٤٥).
(٥) المراد: باب قوله تعالى: ﴿ إِنْ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو دo
qà)ّ٩$# الْمَتِينُ ﴾
، انظر: صحيح البخاري، كتاب التوحيد،
ص٦١٤.