وقوله أيضاً - رحمه الله -: "والفقهاء متفقون على أن معنى قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ ﴾ الإباحة؛ لأنه ورد بعد تقدم أمره بالسعي إلى الصلاة، وترك البيع، فأبان بقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ زوال ما أوجب عليهم من السعي وترك البيع في وقت الصلاة، وهذا كقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا ÷Lنêù=n=xm فَاصْطَادُوا ﴾ (المائدة: ٢)" ا. هـ(١)
وقوله أيضاً - رحمه الله -: "قوله تعالى: ﴿ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ y٧د٩¨sŒ #XچّBr& ﴾ أجمع أهل التفسير أنه يعني به الرجعة في العدة" ا. هـ(٢)
ثانياً : تفسيره آيات الأحكام بالأحاديث، حيث يجعل الحديث مبيناً للحكم المراد من الآية، ومن الأمثلة على ذلك:
قول ابن بطال -رحمه الله-: "وفيه(٣) دليل على أن المباشرة التي قال الله فيها: ﴿ وَلَا ئèdrمژإ³"t٧è؟ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي د‰إf"|،yJّ٩$# ﴾ لم يُرِد بها كل ما وقع عليه اسم المس، وإنما أراد بها تعالى الجماع، وما دونه من دواعي اللذة، ألا ترى أنه كان معتكفاً في المسجد ويدني لها رأسه ترجله" ا. هـ(٤)

(١) انظر: الموضع رقم (١٣٣).
(٢) انظر: الموضع رقم (١٣٥)، وانظر كذلك المواضع التالية: (٤)، و(٧)، و(١٤)، و(٢٧)، و(٣٧)، و(٥٧)،
و(٩٨).
(٣) المراد حديث عائشة رضي الله عنها في ترجيلها رأس النبي ﷺ وهو معتكف في المسجد، وسيأتي تخريجه في موضع دراسة هذا القول إن شاء الله.
(٤) انظر: الموضع رقم (٨).

القول الأول: إن المراد بذلك سارق القليل والكثير، وممن قال بذلك: ابن عباس -رضي الله عنهما-، وابن الزبير( )، وهو قول أهل الظاهر( )، واستدلوا على ذلك بأدلة منها:
أولاً: عموم الآية، فلم يعتبروا نصاباً ولا حِرزاً، بل أخذوا بمجرد السرقة.
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثانياً: عموم حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله السارق، يسرق البيضة فتُقطَع يده، ويسرق الحبل فتُقطَع يده"( )، وقالوا أنه لم يُرو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أُتي بسارق درهم فخلى عنه( ).
القول الثاني: إن المراد بالسارق في هذه الآية، هو الذي يسرق النصاب، وهذا هو مذهب الجمهور من أهل العلم( )، مع خلاف بينهم في قدره( )، واعتبروا الأحاديث الواردة في هذه المسألة مُخصِصة لعموم الآية مبينة لها، كما اختاره ابن بطال هنا، وهو اختيار جمع من المفسرين( ).
قال ابن جرير: "والصواب من القول في ذلك عندنا قول من قال: الآية معنيُّ بها خاص من السُرَّاق، وهم سُرَّاق ربع دينار فصاعداً، أو قيمته، لصحة الخبر عن رسول الله - ﷺ - أنه قال: "القطع في ربع دينار فصاعداً"( ) ا. هـ.( )
وقال القرطبي: "وظاهر الآية العموم وليس كذلك... " ا. هـ.( )
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا القول هو القول الصحيح لأن فيه جمعاً بين الأدلة، وإعمالاً لها كلها وهذا أولى من الإغفال لبعضها.
وأما ما استدل به أهل القول الأول فيجاب عنه بالآتي:
أولاً: الآية، يُخصَص عمومها بالأحاديث الواردة كما تقدم بيانه.
المعنى الأول: معنى اسم الله الرزاق، في قوله تعالى: ﴿ -#¨-چ٩$# ﴾ وقد خالف ابن بطال في بعض المعاني في هذه الصفة، وبيناه في محله؛ مما يغني عن إعادته هنا، والذي عليه أهل السنة والجماعة، إثبات صفة الرزق لله -عز وجل-، كما دلت عليها نصوص الكتاب والسنة(١).
المعنى الثاني: معنى القوة، في قوله تعالى: ﴿ ذُو دoqà)ّ٩$# ﴾ وقال إن القوة، والقدرة مترادفة، وهذا فيه نظر، فإن القوة والقدرة ليست مترادفة، وإنما بينهما تلازم، قال الزجاج: "والقوي هو الكامل القدرة على الشيء، تقول: هو قادر على حمله فإذا زدته وصفاً قلت: هو قوي على حمله، وقد وصف نفسه بالقوة فقال عز قائلاً: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو دo

qà)ّ٩$# الْمَتِينُ ﴾ " ا. هـ.(٢)

المعنى الثالث: معنى المتين، في قوله تعالى: ﴿ ûüدGyJّ٩$# ﴾، وأنه الثابت الصحيح الوجود، وهذا المعنى مخالف لما ذهب إليه أهل التفسير(٣)، واللغة(٤)، ونجد أن كلامهم اتفق على أن معنى المتين: الشديد الذي لا تنقطع قوته، ولا يلحقه في أفعاله مشقة(٥).
سورة النجم
d ﴿ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا ٣"uچtƒ ﴾ (النجم: ١٢).

(١) انظر: المنهاج في شعب الإيمان (١/٢٠٣)، وشرح الطحاوية لابن أبي العز (٩٦).
(٢) انظر: تفسير أسماء الله للزجاج (٥٤)، والفروق اللغوية للعسكري (١٠٦).
(٣) انظر: جامع البيان (١١/٤٧٧)، وزاد المسير (١٣٥٢).
(٤) انظر: تهذيب اللغة / متن (١٤/٣٠٥).
(٥) انظر: تفسير أسماء الله للزجاج (٥٥)، والأسنى في شرح أسماء الله الحسنى (٢٧٣).


الصفحة التالية
Icon