وقوله أيضاً -رحمه الله-: "وأمّا قول الفراء من قرأ ﴿ چح !$t٦ں٢ ﴾ فالمراد بها كبير الإثم وهو الشرك، فهذا خلاف ما ثبت في الآثار وذلك أن في حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر فذكر الشرك وعقوق الوالدين وكان متكئاً فجلس وقال: ألا وقول الزور))، فما زال يقولها حتى قلت: ليته سكت"، وفي حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- "قلت: يا رسول الله، أي الذنب أعظم؟ قال: ((أن تجعل لله نداً وهو خلقك، وأن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك، وأن تزاني بحليلة جارك)) فجعل -عليه السلام- في حديث أبي بكرة قول الزور وعقوق الوالدين من أكبر الكبائر، وجعل في حديث ابن مسعود أن يقتل ولده خشية أن يأكل معه، والزنا بحليلة جاره من أعظم الذنوب، فهذا يرد تأويل الفراء أن كبائر يراد بها كبير وهو الشرك خاصة. ولو عُكِس قول الفراء فقيل له من قرأ (كبير الإثم) فالمراد به كبائر كان أولى في التأويل بدليل هذه الآثار الصحاح، وبالمتعارف المشهور في كلام العرب، وذلك أنه يأتي لفظ الواحد يراد به الجمع كقوله تعالى: ﴿ ِNن٣م_حچّƒن† طِفْلًا ﴾ (غافر: ٦٧) وقوله تعالى: ﴿ لَا ن-حhچxےçR بَيْنَ ٧‰xmr& مِنْ ¾د&ح#ك™o' ﴾ (البقرة: ٢٨٥). والتفريق لا يكون إلا بين اثنين فصاعداً، والعرب تقول: فلان كثير الدينار والدرهم، يريدون الدنانير والدراهم" ا. هـ(١)

(١) انظر: الموضع رقم (٢٦).

•؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ (الأنعام: ٣٨).
٤٧/١ قال ابن بطال -رحمه الله-: "قال تعالى: ؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ ولم يكن المراد أنها أمم أمثالنا في النطق والتعبد، وإنما أمم كما نحن أمم" ا. هـ (٣/١٩).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
اختلف المفسرون في معنى المماثلة في قوله تعالى: ؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ على أقوال:
القول الأول: إن المماثلة هنا في كونها أمماً، فيقال أمة الدواب، وأمة الطير وهكذا، وممن قال بذلك: قتادة( )، وهو ظاهر قول مجاهد( )، وهو الذي اختاره ابن بطال كما تقدم.
القول الثاني: إن المماثلة هنا في كون بعضها يفقه عن بعض، وممن قال بذلك: ابن عباس -رضي الله عنهما-( ).
القول الثالث: إن المماثلة هنا في التوحيد والمعرفة، وممن قال بذلك: عطاء( ).
القول الرابع: إن المماثلة هنا في الخلق، والموت، والبعث، وهذا قول الزجاج( ).
القول الخامس: إن المماثلة هنا في كونها تطلب الغذاء، وتبتغي الرزق، وتتوقى المهالك، وهذا قول ابن قتيبة( ).
القول السادس: إن المماثلة هنا في التسبيح والدلالة، بمعنى: ما من دابة ولا طائر إلا وهو يسبح الله تعالى، ويدل على وحدانيته لو تأمل الكفار( ).
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والذي يظهر - والله أعلم - أنه ينبغي حمل المماثلة هنا على كل ما يمكن وجود شبه فيه، فتكون هذه المعاني الآنفة الذكر كلها داخلة في معنى المماثلة هنا؛ لعدم وجود ما يمنع من احتمالها، قال الشوكاني: "والأولى أن تُحمَل المماثلة على كل ما يمكن وجود شبه فيه كائناً ما كان" ا. هـ.( )
d ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ (#ûqمZtB#uن إِذَا نُودِيَ دo٤qn=¢ء=د٩ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى حچّ. دŒ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ِNن٣د٩¨sŒ ضژِچyz لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ (الجمعة: ٩).
١٣٢/١ قال ابن بطال - رحمه الله -: "وأما السعي الذي بمعنى العمل فقوله تعالى:
﴿ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا ﴾ (الإسراء: ١٩). يعني وعمل لها عملها، وقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا ﴾ (البقرة: ٢٠٥). دلت هذه الآيات - لما عُلِم أن المراد بها غير الجري - على صحة هذا القول.. وأن المراد بقوله تعالى: ﴿ فَاسْعَوْا إِلَى حچّ. دŒ اللَّهِ ﴾ غير الجري، وكذلك قال الحسن في تأويل هذه الآية:"أما والله ما هو بالسعي على الأقدام، وقد نُهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة والوقار، ولكن بالقلوب والنيات والخشوع"(١).
وإلى هذا ذهب مالك(٢) وأكثر العلماء، وهو مذهب البخاري(٣)، وكان عمر وابن مسعود يقرآن "فامشوا إلى ذكر الله"(٤)، وقال ابن مسعود: "لو قرأتها (فاسعوا) لسعيت حتى يسقط ردائي(٥)" ا. هـ. (٢/٥٠٠).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
اختلف العلماء في معنى السعي في قوله تعالى: ﴿ فَاسْعَوْا إِلَى حچّ. دŒ اللَّهِ ﴾، على ثلاثة أقوال:
(١) رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره (١٠/٣٣٥٦)، وانظر: الدر المنثور (٨/١٥٣).
(٢) انظر: المنتقى شرح موطأ مالك (٢/١٣٠).
(٣) انظر: صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، ص٧١.
(٤) الذي في الروايات "فامضوا" رواها عنهما ابن جرير في جامع البيان (١٢/٩٤)، وقد أشار بعض المفسرين إلى أنها ليست بقراءة، وإنما هي من باب التفسير، انظر: أحكام القرآن للجصاص (٣/٥٩٥)، وأحكام القرآن لابن العربي (٤/٢٢٥)، وذكرها ابن جني أنها من الشواذ كما في المحتسب (٢/٣٧٥).
(٥) رواه عنه ابن جرير في جامع البيان (١٢/٩٤).


الصفحة التالية
Icon