وقوله أيضاً -رحمه الله-: "ومما يدل على جواز سعي المكاتب وسؤاله أن بريرة ابتدأت بالسؤال، ولم يقل النبي -صلى الله عليه وسلم-: هل لها مال أ وعمل أو كسب، ولو كان واجباً لسأل عنه ليقع حكمه عليه؛ لأنه بُعث -صلى الله عليه وسلم- معلِّماً، وهذا يدل أن من تأول في قوله تعالى: ﴿ إِنْ ِNçGôJد=tو ِNخkژدù #[ژِچyz ﴾ أن الخير: المال، ليس بالتأويل الجيد، وأن الخير المذكور في الآية هو القوة على الاكتساب مع الأمانة، وقد يكتسب بالسؤال" ا. هـ(١)
ثامناً : إيراده لأقوال في معنى الآية، ثم محاولة الجمع بينها، ومن الأمثلة على ذلك:
قول ابن بطال -رحمه الله-: "قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا (#نt¨u"y_ الَّذِينَ tbqç/ح'$utن† اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ #·ٹ$|،sù.. ﴾ الآية. وليس قول من قال: أن الآية نزلت في المسلمين مناف في المعنى لقول من قال: أنها نزلت في أهل الردة والمشركين؛ لأن الآية وإن كانت نزلت في المرتدين بأعيانهم فلفظها عام يدخل في معناه كل من فعل مثل فعلهم من المحاربة والفساد في الأرض.." ا. هـ(٢)
وقوله أيضاً -رحمه الله-: "اختلف السلف في تأويل قوله تعالى: ﴿ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ﴾ فرُوي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه: محمداً -صلى الله عليه وسلم-، وهو قول ابن زيد وجماعة، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه: الشيب.
وحجة القول الأول أن الله تعالى بعث الرسل مبشرين ومنذزين إلى عباده قطعاً لحجتهم، وقال تعالى: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ ٤س®Lxm نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ (الإسراء: ١٥).
(٢) انظر: الموضع رقم (٣٩).
ولا وجه لكون ابن بطال ينفي المماثلة في النطق والتعبد؛ لأن النطق يراد به فيما بينها قطعاً، فالحيوانات لها نطق فيما بينها، كما أن الإنس لهم نطق فيما بينهم، وأما التعبد فقد دلت النصوص من الكتاب، والسنة، على أن الكائنات تعبد الله عز وجل، فلا وجه لإنكار ذلك، وليس هذا مقام التدليل على هذه المسألة( ).
؟ ؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ ؟•؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ (الأنعام: ٣٨).
٤٨/٢ قال ابن بطال -رحمه الله-: ".. وأما جوامع الكلم فهو القرآن؛ لأنه يأتي منه الآية في معان مختلفة؛ يدل على ذلك قوله تعالى: ؟ ؟•؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟ فهذا يدل على أن القرآن جوامع" ا. هـ (٥/٣٩٣).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
أشار ابن بطال هنا إلى معنى الكتاب في قوله تعالى: ؟؟•؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ وهذه المسألة وقع فيها خلاف بين المفسرين على قولين:
القول الأول: إن المراد بالكتاب في هذه الآية اللوح المحفوظ، وممن قال بذلك: ابن عباس -رضي الله عنهما-، وابن زيد( )، وغيرهم( )، وهو ظاهر اختيار ابن جرير( )، والبغوي( )، وغيرهم من المفسرين( ).
القول الثاني: إن المراد بالكتاب في هذه الآية القرآن، واختار هذا بعض المفسرين كابن عطية فقد قال: "والكتاب هو: القرآن وهو الذي يقتضيه ظاهر اللفظ.." ا. هـ.( ) وكذا قال غيره من المفسرين( )، وهو الذي اختاره ابن بطال هنا كما تقدم.
والذي يظهر - والعلم عند الله - أن القول الأول هو الأرجح؛ لأن السياق يدل عليه، قال ابن القيم بعد ذِكْره أن المراد بالكتاب في الآية: اللوح المحفوظ: ".. وكأن هذا القول
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القول الأول: إن معنى السعي هنا: العمل، وممن قال بذلك: عكرمة، والضحاك(١)، وهو قول جمهور العلماء(٢)، فيكون المعنى: فاعملوا على المضي إلى ذكر الله بالتفرغ له، والاشتغال بالطهارة ونحوها(٣)، وهو الذي اختاره ابن بطال هنا.
القول الثاني: إن معنى السعي هنا: النية بالقلب، قاله الحسن(٤).
القول الثالث: إن معنى السعي هنا: المشي على الأقدام، وممن قال بذلك: ابن عباس -رضي الله عنهما(٥)-. فإن كان مراد هذا القول الجري، فهو القول الذي تعقبه ابن بطال هنا، وبين أنه ليس المراد في الآية(٦).
والذي يظهر - والله أعلم - أنه يمكن الجمع بين القولين الأولين، فيكون معنى السعي إخلاص النية، والعمل. وهذا الاختيار قال به بعض المفسرين(٧)، قال قتادة: "والسعي يا ابن آدم أن تسعى بقلبك، وعملك، وهو المضي إليها"ا. هـ(٨)، وأما الجري والاشتداد، فهو الذي أنكره الصحابة الأعلمون، والفقهاء الأقدمون(٩).
d ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ #[ژچدWx. لَعَلَّكُمْ tbqكsد=ّےè؟ ﴾ (الجمعة: ١٠).
(٢) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (٤/٢٢٥).
(٣) انظر: زاد المسير (١٤٣٥).
(٤) تقدمت الإشارة إليه في كلام ابن بطال، والإحالة على موضعه.
(٥) انظر: زاد المسير (١٤٣٥).
(٦) وتعقبه أيضاً القرطبي، انظر: الجامع لأحكام القرآن (١٨/٩١).
(٧) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٣/٥٩٥)، والوسيط (٤/٣٠٠)، وأحكام القرآن لابن العربي (٤/٢٢٥)، والجامع لأحكام القرآن (١٨/٩١)، وأضواء البيان (٨/٢٧٩).
(٨) رواه عنه ابن جرير في جامع البيان (١٢/٩٤).
(٩) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (٤/٢٢٥).