٣- وقال ابن تيمية :"إمام المالكية في وقته في العراق"(١).
وقال في سياق كلامه عن أهل البدع وقولهم في إنكار أن الله فوق العرش، وحدوث العالم، وقال :" وهو من الكلام الذي ذمه السلف والأئمة حتى قال ابن خويز منداد: أهل البدع والأهواء عند مالك وأصحابه، هم كل متكلم في الإسلام فهو من أهل البدع والأهواء أشعرياً كان أو غير أشعري "(٢).
٤- وقال الذهبي :" من كبار المالكية العراقيين "(٣).
٥- وكذا عدَّه الصفدي من كبار المالكية(٤).
٦- وقال ابن حجر :" الفقيه المالكي "(٥).
٧- وقال الخفاجي :" من أئمة المالكية والأصول "(٦).
٨- ووسمه ابن الغزي بالإمام العلامة، شيخ المالكية(٧).
المسألة الثانية : انتقادات العلماء عليه والردود عليها :
مما وقفت عليه من أقوال العلماء فيه :
١- قال ابن حزم :" وقد قاد السخف والضعف والجهل من يقدر في نفسه أنه عالم وهو المعروف بخويز منداد المالكي إلى أن جعل للجمادات تمييزاً "(٨).
٢- وقال فيه الباجي :" إني لم أسمع له في علماء العراق بذكر، وكان يجانب الكلام جملة وينافر أهله، حتى تعدى ذلك إلى منافرته المتكلمين من أهل السنة، وحكم في الكل بأنهم أهل الأهواء "(٩).

(١) الفتاوي الكبرى (٥/٢٤٨).
(٢) بيان تلبيس الجمهية (٢/٨٧).
(٣) تاريخ الإسلام (٢١٧)، حوادث ووفيات (٣٨١-٤٠٠ ).
(٤) الوافي بالوفيات (٢/٥٢).
(٥) لسان الميزان (٦/٣٥٢).
(٦) نسيم الرياض (١٤/١٤١).
(٧) ديوان الإسلام (٢/٢٤٣).
(٨) الفصل في الملل والأهواء والنحل (١/١٥٢).
(٩) انظر : ترتيب المدارك للقاضي عياض ( ٣/٦٠٦)، وتاريخ الإسلام للذهبي صـ ٢١٧، والوافي بالوفيات للصفدي (٢/٥٢)، والديباج المذهب صـ ٢٦٨، ولسان الميزان لابن حجر ( ٦/٣٥٢)، وطبقات المفسرين للداودي (٢/٧٢).

لقد اشتمل القرآن الكريم على العديد من آيات الأحكام وقد أوصلها بعضهم إلى خمسمائة آية(١)، وقد تزيد على ذلك عند الاستقصاء والتتبع(٢)، والعلماء أولوا هذه الآيات اهتماماً كبيراً فمنهم من جعلها في كتب مستقلة، ومنهم من جعلها ضمن تفسيره للقرآن كاملاً، وهم ما بين مطيل في ذكرها ومقل، ومن هؤلاء العلماء ابن خويز منداد، ولا غرابة أن يهتم ابن خويز منداد بآيات الأحكام إذا كان عالماً بالخلاف وبالفقه وأصوله، وله مؤلفات في ذلك مما جعله إماماً في المذهب.
والذي ظهر لي من منهجه من خلال استقراء أقواله في التفسير - وهي قليلة كما سبقت الإشارة إلى ذلك - فإنني توصلت إلى ما يلي:
أولاً: أنه يستنبط في الغالب الحكم من الآية مباشرة فيقول: تضمنت الآية كذا، أو يقول في الآية دليل على كذا.
فمثلاً، عند قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ التوبة: ٣٤.
قال :" تضمنت هذه الآية زكاة العين وهي تجب بأربعة شروط..."(٣).
ثانياً : أنه يذكر الآية التي فيها الحكم أو جزءاً منها ثم يستخرج ما فيها من أحكام سواء أدلت عليه هذه الآية من قريب أم من بعيد.
ثالثاً : يذكر الخلافات الفقهية، ومنهجه في ذلك :
١- أنه يورد القول المخالف مع ذكر دليله أو تعليله أحياناً.
فمثلاً عند قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ ﴾ البقرة: ٢٨٣.
(١) انظر : روضة الناظر لابن قدامة ( ٣/٩٦٠)، والمستصفى للغزالي صـ ٣٤٢-٣٤٣.
(٢) انظر : شرح الكوكب المنير لابن النجار (صـ٦٠٢).
(٣) انظر : الجامع لأحكام القرآن ( ٨/١١٤).

ثالثاً: أن مجرد الشبه غير معتبر فقد يشبه الولد أباه الأدنى، وقد يشبه الأب الأعلى الذي باعتباره يصير منسوباً إلى الأجانب في الحال، وإليه إشارة رسول الله - ﷺ - حين أتاه رجل فقال: إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، وإني أنكرته، فقال له رسول الله - ﷺ - :"هل لك من إبل ؟" قال: نعم، قال:"فما ألوانها ؟" قال حمر، قال: هل فيها من أورق ؟" قال: إن فيها لورقاً. قال: " فأنى ترى ذلك جاءها ؟" قال: يارسول الله عرق نزعها، قال: " ولعل هذا عرق نزعه" ولم يرخص له في الانتفاء
منه(١)١).
ويجاب عن هذا الاستدلال بالآتي:
قال ابن قدامة:" قولهم: إن الشبه يجوز وجوده وعدمه، قلنا: الظاهر وجوده، ولهذا قال النبي - ﷺ - حين قالت أم سلمة : أو ترى ذلك المرأة ؟ قال :"فمن أين يكون الشبه ؟"(٢)٢).
(١) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب من شبه أصلاً معلوماً بأصل مبين، حـ٧٣١٤. موسوعة الحديث الشريف (ص٦٠٩)، ومسلم في صحيحه، كتاب اللعان، حـ١٥٠٠. موسوعة الحديث الشريف (ص٩٣٦).
والأورق هو: الذي فيه سواد ليس بصاف ومنه قيل للرماد أورق، وللحمامة ورقاء. والمراد بالعرق: أصل النسب تشبيهاً بعرق الثمرة، ومنه قولهم: فلان معرِّق في النسب والحسب وفي اللؤم والكرم. ومعنى نزعه: أشبهه واجتذبه إليه، وأظهر لونه عليه، وأصل النزع الجذب فكأنه جذبه إليه لشبهه. والمراد به في الحديث: أي لعله في أصولك أو في أصول امرأتك من يكون في لونه أسود فأشبهه واجتذبه إليه وأظهر لونه عليه. انظر: المنهاج للنووي (١٠/٣٧٢)، وتحفة الأحوذي للمباركفوري (٦/٣٢٦).
(٢) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج مني منها، حـ٣١١. موسوعة الحديث الشريف (ص٧٢٩).

١٩٠)... صحيح سنن ابن ماجة، لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، ط١، ١٤١٩هـ.
(١٩١)... صحيح سنن أبي داود، لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، ط٢، ١٤٢١هـ.
(١٩٢)... صحيح سنن الترمذي، لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، ط٢، ١٤٢٢هـ.
(١٩٣)... صحيح سنن النسائي، لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، ط١، ١٤١٩هـ.
(١٩٤)... صفة الصفوة، لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي، دار المعرفة، بيروت، ط٢، ١٣٩٩هـ، تحقيق: محمود فاخوري، ود. محمد رواس قلعجي.
(١٩٥)... الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لمحمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية، دار العاصمة، الرياض، ط٣، ١٤١٨هـ، تحقيق: د. علي بن محمد الدخيل الله.
(١٩٦)... ضعيف الجامع الصغير وزيادته، لمحمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط٤، ١٤٠٨هـ.
(١٩٧)... الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، لمحمد السخاوي، دار مكتبة الحياة، بيروت.
(١٩٨)... الضوء المنير على التفسير من كتب الإمام ابن قيم الجوزية، جمع علي الحمد الصالحي، دار السلام.
(١٩٩)... طبقات ابن سعد (الطبقات الكبرى) دار صادر، بيروت.
(٢٠٠)... طبقات الحفاظ، لجلال الدين السيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط١، ١٤٠٣هـ، ومكتبة وهبة، شارع الجمهورية، بعابدين، ط١، ١٣٩٣هـ، تحقيق: علي محمد عمر.
(٢٠١)... طبقات الشافعية الكبرى، لتاج الدين بن علي السبكي، هجر، ط٢، ١٤١٣هـ، تحقيق: د. محمود محمد الطناحي، ود. عبد الفتاح محمد الحلو.
(٢٠٢)... طبقات الشافعية، لأحمد بن محمد بن عمر بن قاضي شهبة، عالم الكتب، بيروت، ط١، ١٤٠٧هـ، تحقيق: د. الحافظ عبد العليم، خان.
(٢٠٣)... طبقات الفقهاء، لأبي إسحاق الشيرازي، دار الرائد العربي، بيروت، ط٢، ١٤٠١هت، تحقيق: د. إحسان عباس.
(٢٠٤)... طبقات المفسرين، لمحمد بن علي الداودي، دار الكتب العلمية، بيروت.
(٢٠٥)... طبقات فحول الشعراء، لابن سلام ا لجمحي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة.


الصفحة التالية
Icon