وقال الذهبي: "ابن حزم رجل من العلماء الكبار فيه أدوات الاجتهاد كاملة، تقع له المسائل الواهية كما يقع لغيره، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله - ﷺ -، وقد امتحن هذا الرجل وشدد عليه، وشرد عن وطنه وجرت له أمور، وقام عليه الفقهاء لطول لسانه واستخفافه بالكبار، ووقوعه في أئمة الاجتهاد بأفج عبارة وأفظ محاورة وأبشع رد "(١).
وقال السبكي: "وهذا ابن حزم رجل جرئ بلسانه متسرع إلى النقل بمجرد ظنه، هاجم على أئمة الإسلام بألفاظه "(٢).
ثم إن ابن حزم جهل علماء مشهورين كالإمام الترمذي، وابن ماجه، والبغوي، بل حتى جهل بعض الصحابة، وقد شنع العلماء عليه بسبب ذلك.
قال ابن حجر: " وأما أبو محمد بن حزم، فإنه نادى على نفسه بعدم الاطلاع، فقال :... محمد بن عيسى بن سورة مجهول، ولا يقولن قائل: لعله ما عرف الترمذي، ولا اطلع على حفظه، ولا على تصانيفه فإن هذا الرجل قد أطلق هذه العبارة في خلق من المشهورين من الثقات الحفاظ كأبي القاسم البغوي، وإسماعيل بن محمد الصفار، وأبي العباس الأصم، وغيرهم "(٣).
بل وقد جهل بعضاً من أبناء الصحابة وهذا عجيب منه(٤).
وقال :" كان واسع الحفظ جداً إلا أنه لثقته بحافظته كان يهجم على القول في التعديل والتجريح ويبين أسماء الرواة فيقع له من الأوهام الشنيعة "(٥).
وقال ابن كثير :" وجهالة ابن حزم لأبي عيسى لا تضره... فإن جهالته لا تضع من قدره عند أهل العلم، بل وضعت منزلة ابن حزم عند الحفاظ "(٦)
(٢) طبقات الشافعية الكبرى (١/٩٠).
(٣) تهذيب التهذيب (٣/٦٦٨).
(٤) انظر : الرفع والتكميل في الجرح والتعديل للكنوي ( صـ ٢٩٢-٣٠٥)، تحقيق : عبدالفتاح أبو غدة.
(٥) لسان الميزان (٤/١٩٨-٢٠٢).
(٦) البداية والنهاية (١١/٧٩).
فمثلاً، عند قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) ﴾ المائدة : ٩٠.
فقد ذكر أن الخمر تملك لأنه يمكن أن يزال بها الغصص ويطفأ بها الحريق، وهذا خلاف ما عليه الإمام مالك.
٧- يذكر الإجماع في المسألة إن وجد فمثلاً، عند قوله تعالى: ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ﴾ المائدة : ٤٢.
قال :" من السحت أن يأكل الرجل بجاهه، وذلك أن يكون له جاه عند السلطان، فيسأله إنسان حاجة فلا يقضيها إلا برشوة يأخذها، ولا خلاف بين السلف أن أخذ الرشوة على إبطال حق أو مالا يجوز سحت"(١).
وعند قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ ﴾ البقرة : ٨٥.
قال: " تضمنت الآية وجوب فك الأسارى وبذلك وردت الآثار عن النبي - ﷺ - أنه فك الأسارى وأمر بفكهم وجرى بذلك عمل المسلمين وانعقد به الإجماع"(٢).
وكذلك يذكر إجماع الصحابة - رضي الله عنهم - فمثلاً، عند قوله تعالى: ﴿ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ البقرة : ١٢٤.
(٢) انظر : المصدر السابق ( ٢/٢٦).
٢٤٦)... اللباب في تهذيب الأنساب، لابن الأثير الجزري، دار صادر، بيروت، ط٣، ١٤١٤هـ.
(٢٤٧)... لسان العرب، لابن منظور، دار صادر، بيروت، ط٦، ١٤١٧هـ.
(٢٤٨)... لسان الميزان، لابن حجر العسقلاني، الفاروق الحديثة، القاهرة، ط١، ١٤١٦هـ، تحقيق: خليل بن محمد العربي.
(٢٤٩)... لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد مع شرحها، لمحمد بن صالح العثيمين، أضواء السلف، الرياض، ط٣، ١٤١٥هـ، تحقيق: أبو محمد أشرف بن عبد المقصود.
(٢٥٠)... المبسوط، لمحمد أحمد السرخسي، دار المعرفة، بيروت، ١٤٠٦هـ.
(٢٥١)... مجاز القرآن، لأبي عبيدة معمر بن المثنى التيمي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط٢، ١٤١٣هـ.
(٢٥٢)... مجلة أبحاث ووثائق المؤتمر الإسلامي العالمي، المنعقد بمكة المكرمة، ٢١-٢٣ صفر، ١٤١١هـ.
(٢٥٣)... مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، دار الفكر، بيروت، ١٤١٢هـ، تحقيق: عبد الله محمد الدرويش.
(٢٥٤)... مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، دار الفكر، بيروت، ١٤١٢هـ، تحقيق: عبد الله محمد الدرويش.
(٢٥٥)... مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، ١٤١٨هـ.
(٢٥٦)... مجموع الفتاوى، لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، مؤسسة الحرمين الخيرية، الرياض، ط٢، ١٤٢٣هـ، جمع وترتيب: د. محمد الشويعر.
(٢٥٧)... المجموع شرح المهذب للشيرازي، للإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي، دار إحياء التراث العربي، ١٤١٥هـ، تحقيق: محمد بن نجيب المطيعي.
(٢٥٨)... محاسن التأويل، لمحمد جمال الدين القاسمي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط١، ١٤١٨هـ، تحقيق: محمد باسل عيون السود.
(٢٥٩)... المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لأبي محمد عبد الحق ابن عطية، دار ابن حزم، بيروت، ط١، ١٤٢٣هـ.
(٢٦٠)... المحصول أصول في علم أصول الفقه، لفخر الدين الرازي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط٣، ١٤١٨هـ، تحقيق: د. طه جابر العلواني.